الإثنين, 11 أغسطس 2025 05:09 PM

تساؤلات حول تجاهل اليونسكو لأصل تسمية "يوم اللغة العربية العالمي" السوري ودور مجامع اللغة العربية

تساؤلات حول تجاهل اليونسكو لأصل تسمية "يوم اللغة العربية العالمي" السوري ودور مجامع اللغة العربية

أ. د. جورج جبور: مؤلف كتاب صدر بمناسبة "احتفالية اليونسكو أيام 14-16 كانون الأول 2016"، يقع في 64 صفحة من القطع الوسط، وعنوانه "سورية ويوما اللغة العربية، العربي والدولي" يجسد هدفه.

يبدأ الغلاف باسمي موصوفًا كـ "صاحب فكرة يوم اللغة العربية إلى أن يثبت العكس". بدأت بإعداد الكتاب لحظة قررت تلبية دعوة يونسكية-سعودية إلى احتفالية لم توجه دعوة مماثلة لها إلى المندوبة السورية لدى اليونسكو بسبب العلاقات المقطوعة. يتألف الكتاب من وثائق ومقالات عن اليوم، بالإضافة إلى نص مطول عن ذكريات مع اليونسكو نشر في مجلة "المعرفة" التي تصدرها وزارة الثقافة السورية.

للكلمة الشفهية أهميتها، لكن مفعولها يثبت في الذهن بدعم نص مكتوب. أخذت من الكتاب إلى باريس 100 نسخة، ووزعتها فور جلوسي على المنصة؛ الأولى إلى د. زياد رئيس الجلسة عن يميني، والثانية إلى الوزير عن يساري، ثم سلمت نسخة إلى المديرة العامة لليونسكو في مناسبة تالية، ونسخة أخرى إلى مكتبة اليونسكو. بذلك، أعلمت اليونسكو بما حجب عنها من المنصة، ثم بتوزيع الكتاب، ثم بأسلوب ثالث هو المداخلات، محاولًا إبراز الأصل السوري لفكرة اليوم.

ضمن الكتاب نفسه نص رسالة إلى المديرة العامة في 2 أيار 2016، أؤكد فيها أهمية "اقرأ" وأشير إلى ضرورة أن يكون ليوم لغتنا صلة بالغنى الثقافي العربي. أكتب بعد ما يقرب من عقد على آخر حدث خضت فيه ضمن مبنى اليونسكو، وتعمدت إهداء الكتاب إلى اليونسكو والهيئة التي دعتني، متوقعًا الأخذ بعين الاعتبار ما تتضمنه الصفحات التالية من رأي بشأن تحديد موعد أفضل ليوم اللغة العربية العالمي، كما تعمدت مديح نشرة "أفق" التي تصدر عن مؤسسة الفكر العربي، فمن مقال لي فيها قرأه د. الدريس أتته فكرة دعوتي.

الجوانب الإيجابية التي نجمت عن تلبية الدعوة تتفوق على سلبية عدم تغيير الموعد المستمر معنا إلى اليوم. إذًا، يستحق الشكر صديقنا د. زياد. أما التغيير أو التعديل، فيستمر مطلبًا حقًا وتزداد مع الأيام صعوبة إنجازه لولا وقوع حدثين: فلسطيني وسوري. أقرأ سياسيًا في الاستكانة العربية العامة إزاء ما تقوم به "إسرائيل" منذ 8 تشرين الأول 2023 فرصة لتعويض معنوي يقدمه للعرب ما يسمى "المجتمع الدولي"، وأسمع أيضًا في انتصار الثورة السورية صوتًا قويًا يلح على ضرورة اعتماد "اقرأ"، بعد تجاهل مذهل من قمة النظام البائد لفكرة بديهية، رغم أن العهد الجديد ما يزال مبتعدًا عن الاهتمام باليوم لأسباب مفهومة، فثمة الكثير من الاهتمامات التي تتقدم على التفكير بتغيير اليوم. وبالمناسبة، علمت أمس الأحد أن الهيئة السورية العامة للكتاب لن تعقد أية فعالية نقاش بشأن الموعد الأمثل ليوم اللغة، كما كان التخطيط المبدئي قبل أيام.

قلت إنني أعلمت اليونسكو ما حجب عنها بشأن الأصل السوري. قبل يوم 18 كانون الأول التقليدي لعام 2023 بأقل من أسبوعين، وبالتحديد في 5 كانون الأول 2023، وجهت المندوبة السورية مذكرة شفهية-مكتوبة طبعًا-إلى اليونسكو تتمنى عليها ذكر الريادة السورية، كما أصدرت نصًا إعلاميًا أنيقًا عن اليوم وبه في الختام إيضاح لما فعلت. إذن، في عام 2016 أتيحت لي فرصة إعلام اليونسكو ما حجب عنها بشأن الأصل السوري لفكرة اليوم. صحيح أن النتيجة العملية المباشرة كانت لا شيء، إلا أنها أضافت عناصر للحملة الهادفة إلى التعديل. ارتفعت في قاعة الاحتفالية لدى المناقشة أصوات أيدت ربط الموعد بالمتنبي، ومن المرجح أنه بعد الخبرة مع اليونسكو بشأن التعديل نظمت في حلب وفي دمشق عدة ندوات في سورية وفي العراق تطالب بالمتنبي.

ما هو موقف مجمع دمشق والمجامع العربية؟ في دمشق، آذار 2006 هتفت لصديق كبير هو أ.د. شاكر الفحام رئيس المجمع، رحمة الله ورضوانه عليه، واقترحت عليه أن أتحدث في المجمع عما أثرته في جامعة حلب: يوم للغتنا وموعده اقرأ. كان إيجابيًا، ولكن روح المربي لا تفارقه. أذكر أنه قال: "سيكون الصيف". هل ناقش المجمع الفكرة في وقت تال لتلك المحادثة الهاتفية، أو بعد ذلك في أي يوم من الأيام؟ لا أدري. ماذا عن المجامع العربية الأخرى وهي عديدة؟ لا أدري. ولكن الذاكرة عادت بي إلى احتفالية لغوية في القاهرة يوم كانت عاصمة للثقافة العربية. في القاهرة وضمن تعقيبي المبرمج المكتوب ثم المنشور على بحث عن اللغة لرئيس مجمع اللغة العربية الأردني، أثرت موضوع مكان اللغة العربية في دساتير الدول الإسلامية. أكتب من الذاكرة والمصادر أمامي فلا أعود إليها كسلًا كما يفعل المتقدمون في العمر، طالبت الدول الإسلامية غير العربية كباكستان أن تضع في الدستور نصًا يجعل العربية لغة رسمية إلى جانب اللغة الأصلية. أذكر أن تأييد فكرتي في القاعة آنذاك كان عارمًا. قول بقول، ولم نتقدم إلى قول بعمل رغم تأكيدات من د. جابر عصفور رحمه الله بأنه سيتخذ الإجراءات اللازمة للسير بالفكرة.

أنشئ مجمع دمشق بجهود المفكر الكبير ساطع الحصري، ذي الثقافة الفرنسية، أنشئ على مثال الأكاديمية الفرنسية. تنسب ولادة القومية الفرنسية إلى تلك الأكاديمية. ثم الآن في عصر الفرانكوفونية ها هي الأكاديمية نفسها تنسجم مع عصر العولمة أو العالمية، فنجعل المسؤول الأول فيها عربي-اللغة-الأم، في عملية إغراء كبرى لنشر اللغة. أين مجامعنا من الهموم العامة؟ أفِيُناقش في مكان ما من نيويورك أو باريس موعد يوم اللغة العربية العالمي ولا يناقش في عميد المجامع ولا في اتحادها؟

طلع الصباح ويستمر غدا الكلام المباح.

صباح الاثنين 11 آب 2025 وهو "يوم القراءة" كما أسماه أحد الأصدقاء.

(موقع أخبار سورية الوطن 2)

مشاركة المقال: