تجددت الوقفات الاحتجاجية لمعلمي الشمال السوري أمام مديرية التربية في حي الجميلية بمدينة حلب، حيث نفذ مئات المعلمين صباح اليوم، الأحد 16 من تشرين الثاني، مظاهرة جديدة للمطالبة بتثبيتهم في وظائفهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، بالإضافة إلى رفع رواتبهم التي يرون أنها لم تعد كافية لتغطية تكاليف الحياة الأساسية.
تعتبر هذه الوقفة الثالثة أمام مديرية التربية خلال الأشهر الماضية، وتأتي في ظل استمرار المعلمين بالتجمع في مدارس الشمال، معبرين عن مطالبهم عبر لافتات وشعارات تؤكد حقهم في الاستقرار الوظيفي والأمان المهني. ويستمر هذا الحراك في ظل غياب حلول ملموسة من الجهات المعنية، وفقًا للمشاركين.
يشتكي العاملون في قطاع التعليم بريف حلب الشمالي من عدم وضوح آليات تثبيت العقود المؤقتة، مما يدفع الكثيرين منهم لتنظيم وقفات متكررة بهدف لفت انتباه المسؤولين إلى ظروفهم. وأوضح المحتجون أنهم لم يروا أي خطوات عملية بعد الوعود المتكررة من مديرية التربية في حلب، مما دفعهم لتجديد الوقفة والضغط من أجل إصدار قرارات واضحة.
المعلم في مجمع الراعي وعضو نقابة المعلمين الأحرار، خالد أسد الموسى، صرح لعنب بلدي خلال مشاركته في الوقفة، بأن الاحتجاجات تهدف إلى تجديد المطالب المعروفة للجهات المعنية، وعلى رأسها التثبيت الوظيفي، ومنح أرقام ذاتية لمعلمي الشمال، والإسراع في إجراءات النقل الخارجي لضمان استقرار العملية التعليمية.
بعد انتهاء الوقفة أمام مديرية التربية، توجه المعلمون إلى مبنى المحافظة، ولكن لم يقابلهم أي مسؤول من مديرية التربية أو من المحافظة، ولم يتلقوا أي رد على مطالبهم، وهو ما اعتبره الموسى "استهتارًا متكررًا" بمطالب المعلمين. وأضاف أن الإهمال في التعاطي مع مطالب المعلمين أصبح أمرًا متكررًا و"كأن هناك تعمدًا في إهمال العملية التربوية". وأشار إلى أن المعلمين مستمرون في الإضراب والوقفات الاحتجاجية حتى يتم التوصل إلى حل واضح لمطالبهم.
صورة للأسد تزيد الاحتقان
قال المعلم خالد الموسى إن المعلمين تفاجأوا خلال الاحتجاجات بوجود صورة لرئس النظام المخلوع، بشار الأسد، معلقة داخل أحد مكاتب مديرية تربية حلب المطل على الشارع، قبل أن يدخل أحد المعلمين إلى المكتب ويزيلها. وأثار وجود الصورة، بحسب قوله، حالة من الاحتقان بين المشاركين في الوقفة.
من جهتها، قالت مديرية التربية في حلب عبر مكتبها الصحفي لعنب بلدي، إن الأمر قيد المتابعة، وإن المديرية فتحت تحقيقًا رسميًا حول الحادثة المتعلقة بظهور صورة لرئس النظام المخلوع داخل أحد المكاتب التابعة لها. ولم يقدم المكتب تفاصيل إضافية حول سبب تعليق الصورة في المكتب أو الجهة المسؤولة عن ذلك.
تأخر الرواتب
قالت خزيمة عموري، معلمة في مجمع عفرين التربوي، لعنب بلدي، إن مشكلة تأخر الرواتب باتت تتكرر منذ أشهر. الكادر التعليمي يجد صعوبة في تدبير احتياجاته الأساسية خلال فترات الانتظار الطويلة بين راتب وآخر. وأوضحت أن الرواتب، على تواضعها، "لم تعد تحمل القيمة نفسها" نتيجة الارتفاع المستمر في الأسعار.
وأضافت عموري أن المعلم في مجمع عفرين يتقاضى ما يقارب 90 دولارًا شهريًا، وهو مبلغ تقول إنه لا يغطي سوى جزء محدود من متطلبات المعيشة، لا سيما مع تأخر صرفه بشكل متكرر. وبينت أن المعلمين لم يتقاضوا راتب شهر تشرين الأول الماضي حتى موعد الوقفة الاحتجاجية، رغم الدخول في شهر تشرين الثاني، وهو ما يؤدي إلى ازدياد حالة الضغط بين العاملين في القطاع التعليمي.
استمرار العملية التعليمية في ظل هذه الظروف "أمر بالغ الصعوبة"، قالت عموري، مشيرة إلى أن غياب انتظام الرواتب ينعكس على استقرار المعلمين وقدرتهم على أداء عملهم. وتساءلت عن كيفية استمرار المعلم في القيام بواجبه وسط هذه الضغوط، في وقت لا تقدَّم فيه حلول واضحة أو جداول زمنية لصرف المستحقات.
وذكرت نقابة المعلمين الأحرار عبر صفحتها في "فيسبوك"، السبت 15 من تشرين الثاني، أن الحراك مستمر حتى تحقيق المطالب، داعية المعلمين إلى التجمع أمام مديرية التربية في حلب. وحددت النقابة أربعة مطالب رئيسة للوقفة، هي:
- تثبيت جميع المعلمين في الشمال دون أي استثناء، بمن فيهم من تقل خدمتهم عن 500 يوم وحملة الشهادات الثانوية بأنواعها (التجارية والصناعية وغيرها).
- الإسراع في تثبيت المعلمين والإسراع في النقل الخارجي ضمانًا لاستقرار العملية التعليمية.
- الإسراع في إعادة المفصولين لضمان استمرارية التعليم واستقراره.
- رفع رواتب المعلمين بما يتناسب مع متطلبات المعيشة الكريمة.
أزمة معلمي الشمال على أبواب المديرية في حلب
احتجاجات سابقة
منذ أيلول الماضي، تشهد محافظة حلب تحركات متفرقة نفذها معلمو الشمال للمطالبة بالتثبيت، والنقل الخارجي، وزيادة رواتب الموظفين. شهدت ساحة سعد الله الجابري ومديرية التربية في حلب، في 7 من أيلول الماضي، وقفة احتجاجية حاشدة شارك فيها عشرات المعلمين القادمين من مختلف المناطق. وطالب المعلمون حينها بتثبيتهم في وظائفهم وصرف مستحقاتهم المالية.
تجددت مظاهرات معلمي الشمال السوري في 12 من تشرين الأول الماضي، أمام مديرية التربية في حي الجميلية وسط المدينة. وركزت المطالب حينها على التثبيت الوظيفي وصرف الرواتب المتأخرة، في ظل استمرار غياب خطوات عملية من الجهات المعنية لتلبية احتياجات الكادر التعليمي.
مظاهرة ثانية للمعلمين أمام “تربية حلب”