الجمعة, 8 أغسطس 2025 03:43 PM

تصاعد التوتر في البحر الأحمر: عقوبات يمنية تطال شركات شحن عالمية بسبب التعامل مع إسرائيل

تصاعد التوتر في البحر الأحمر: عقوبات يمنية تطال شركات شحن عالمية بسبب التعامل مع إسرائيل

يشهد البحر الأحمر تصعيداً خطيراً مع توسع نطاق الاستهداف من قبل حركة «أنصار الله» ليشمل شركات شحن بحرية تتعامل مع إسرائيل. أعلن «مركز تنسيق العمليات الإنسانية» التابع لصنعاء (HOCC) عن فرض عقوبات على 64 شركة شحن بحرية، متهماً إياها بـ«انتهاك الحصار المفروض على إسرائيل»، وحظر مرور سفنها عبر البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب، بسبب رسوها في موانئ إسرائيلية بعد 27 تموز.

تشمل الشركات المستهدفة كبرى شركات الشحن العالمية مثل «هاباغ لويد» الألمانية (Hapag-Lloyd)، و«أوشن نيتوورك إكسبرس» اليابانية (ONE)، و«يانغ مينغ» التايوانية (Yang Ming)، و«سي إم إيه سي جي إم» الفرنسية (CMA CGM).

المحللة البحرية دستين أوزويغور، من منصة «إي إي سي» (eeSea)، اعتبرت أن هذا الإعلان يمثل «لحظة تحول جوهري» في صراع البحر الأحمر، حيث لم يعد التهديد مقتصراً على السفن المتجهة إلى إسرائيل، بل يشمل أيضاً السفن التي تملكها أو تشغلها شركات سبق أن تعاملت مع موانئ إسرائيلية. وحذرت من أن التهديدات قد تطال سفناً تدار عبر ترتيبات تأجير فرعية، مما يزيد من دائرة الخطر.

تسعى بعض الشركات الكبرى لتجنب التصعيد بتعديل مساراتها. فشركة «CMA CGM» الفرنسية، التي استأنفت خدماتها عبر «قناة السويس» بعد إعلان «أنصار الله» تعليق هجماتها في أيار الماضي، تجد نفسها مهددة مرة أخرى بسبب شراكاتها التشغيلية مع شركات مثل «Maersk» التي تربطها علاقات بإسرائيل. وتشير مصادر ملاحية إلى صعوبة تتبع الملكيات والتشغيلات المعقدة في قطاع الشحن العالمي، لكنها لا تستبعد استخدام الذكاء الاصطناعي لرصد السفن وتتبعها عبر بيانات الأقمار الاصطناعية.

مارتن كيلي، رئيس قسم الاستشارات في شركة «إي أو إس ريسك غروب» (EOS Risk Group)، حذر من أن الوضع يتجه نحو مزيد من التعقيد، حيث أن «أي صلة بإسرائيل، حتى وإن كانت غير مباشرة، قد تضع السفن في خطر مباشر». ونتيجة لهذه التهديدات، عادت شركات الشحن البحري إلى تغيير مساراتها نحو «رأس الرجاء الصالح»، رغم التكاليف الاقتصادية واللوجستية الباهظة.

يأتي هذا التصعيد في ظل محدودية الردع البحري الأميركي في المنطقة، وغياب حاملات الطائرات الأميركية عن البحر الأحمر في الأسابيع الأخيرة، وهو أمر نادر الحدوث منذ أواخر عام 2023. وتزامن هذا الانكفاء مع تقارير حول ما وصفه موقع «Indian Defence Review» بـ«الإذلال الأميركي»، في إشارة إلى عودة حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس. ترومان» (USS Harry S. Truman) من البحر الأحمر في ظروف «كارثية» بسبب خسائر تقنية فادحة.

التدهور الأمني في البحر الأحمر له تداعيات مباشرة على دول الإقليم، وفي مقدمتها مصر، التي أعلنت رفضها أي مظاهر لعسكرة البحر الأحمر، مؤكدة أن أمن هذا الممر المائي الحيوي يجب أن يصان عبر الدبلوماسية والتعاون الإقليمي. وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أكد أن خسائر بلاده من تراجع عائدات «قناة السويس» تجاوزت الـ8.5 مليارات دولار، معتبراً أن «الوضع القائم يهدد الاستقرار الإقليمي برمته».

جاءت تصريحات عبد العاطي بعد تلويح حركة «أنصار الله» باستهداف السفن المصرية والتركية بسبب استمرار تدفقها نحو الموانئ الإسرائيلية، في وقت أظهرت فيه بيانات الأقمار الاصطناعية حركة مستمرة لسفن من موانئ مصرية وتركية في اتجاه حيفا وأسدود.

المعادلة الجديدة في البحر الأحمر تقوم على أن طريق الملاحة لن يعود آمناً ما دامت غزة تحت الإبادة والتجويع. وإلى حين انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع، سيبقى البحر الأحمر تحت هذه المعادلة التي تصيغها الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية والبحرية اليمنية.

مشاركة المقال: