الجمعة, 15 أغسطس 2025 04:56 PM

تصاعد التوحش الإسرائيلي في الضفة الغربية وسط صمت السلطة الفلسطينية

تصاعد التوحش الإسرائيلي في الضفة الغربية وسط صمت السلطة الفلسطينية

أحمد العبد - في ظل استمرار الاحتلال في استنزاف الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها، تبدو السلطة الفلسطينية وكأنها تعيش في عالم مواز، حيث تركز فقط على الجانب الأمني دون مواكبة التغيرات على الأرض.

تزامن هذا الجمود السياسي مع زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، إلى الأراضي المحتلة، حيث زار مستوطنة «إرائيل» وادعى أن لإسرائيل «الحق الشرعي» في ضم الضفة الغربية والسيطرة عليها. كما اقتحم، برفقة المستوطنين، الحرم الإبراهيمي في الخليل.

ومع ذلك، لا تزال السلطة تلهث خلف «السلام الأميركي» وتنفذ شروط واشنطن وإملاءاتها، دون أن تفعل شيئاً إزاء تحرك الإدارة الأميركية لفرض عقوبات على بعض مسؤوليها، أو حتى دعمها استمرار حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة.

ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى علاقات السلطة مع الدول العربية، التي يبدو أنها رهنت قرارها السياسي لها، في مقابل وعود لا أحد يعلم متى تتحقق. ومع كل هذا، تتفاقم الأزمة المالية، التي يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني، في ظل غياب أي أفق للتخفيف من حدة الفقر والعوز.

أما على الجانب الأمني، فتواصل السلطة حضورها بقوة، حتى يمكن القول إن ذلك الجانب هو الوحيد الذي لا تزال رام الله تحافظ فيه على «هيبتها»، من خلال العمل على احتواء جميع مظاهر المقاومة ضد الاحتلال. وتعد سياسة الاحتواء، المستمرة منذ عقود، جزءاً من عقيدة السلطة، وسبباً أساسياً في إضعاف أي حالة مقاومة أو احتجاج تخرج في الشارع الفلسطيني.

في المقابل، ترتسم صورة أكثر قتامة تعبر عنها الأعمال العسكرية الإسرائيلية، حتى أصبحت الضفة تحت الحكم العسكري المباشر، إذ تقتحم قوات الاحتلال وسط مدينة رام الله نهاراً وليلاً، وتمر من الشارع المحاذي لمقر الرئاسة، وتنفذ عمليات هدم، وتعتقل وتقتل، في موازاة استنزافها وعصابات مستوطنيها موارد الفلسطينيين، الذين يعانون بسبب القيود الإسرائيلية والتنكيل على الحواجز، وعمليات الهدم للممتلكات التجارية والسكنية، ومصادرة الأراضي وتجريفها وسرقتها وتدمير المصالح الاقتصادية، وإطلاق العنان لإرهاب المستوطنين، وتوسيع الاستيطان على حساب الجغرافيا الفلسطينية.

يدرك الفلسطينيون أن الضفة الغربية هي الساحة الأهم لإسرائيل، وهدفها الأكبر.

وهكذا، نجحت إسرائيل في تحويل الضفة إلى سجن كبير، وكانتونات معزولة بشبكة كبيرة من الحواجز العسكرية والبوابات وجدار الفصل العنصري. وبالتالي، حققت هدفها في خنق المواطنين وحبسهم والتحكم حتى في تواصلهم، وهو ما ينطبق على تواصل جغرافيا الضفة مع أراضي الداخل المحتل، ويؤثر في كل مناحي الحياة، إذ يعيق وصول الفلسطينيين إلى الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم، فضلاً عن قدرتهم على كسب الرزق.

وكان برز في شمال الضفة، في عام 2021، نموذج لمقاومة مسلحة شبه منظمة، بدأت في جنين، واتسعت إلى بعض المناطق، من مثل طولكرم ونابلس. لكن هذه الحالة لم تستمر سوى لأربع سنوات، قبل إخمادها بالاستنزاف المتواصل، إذ تعرض مخيم جنين لعمليات اقتحام كبيرة، قبل أن يبلغ العدوان عليه النقطة الفاصلة مع بدء حملة عسكرية في المخيم تمت خلالها محاصرته والاشتباك مع المقاومين لمدة 50 يوماً، وانتهت بحملة ضخمة أطلقها جيش الاحتلال، ولا تزال متواصلة للشهر الثامن على التوالي، وأسفرت عن تهجير سكان المخيم برمته وتدميره ومحاصرته بنقاط عسكرية دائمة. وتكرر الأمر نفسه في مخيمَي طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، بينما استطاعت السلطة الفلسطينية من جهة وجيش الاحتلال من جهة أخرى، إضعاف حالة المقاومة في مدينة نابلس.

مع ذلك، لا تزال الضفة تقاوم بأضعف الإمكانات والوسائل، من خلال العمليات الفردية أو عمليات الذئاب المنفردة، والتي غالباً ما تكون على شكل حوادث دهس أو طعن. ولكنها باتت تعيش واقع التهجير القسري وما ينجم عن ذلك من تداعيات؛ فهناك نحو 40 ألف فلسطيني نزحوا وهُجّروا من منازلهم في مخيمات شمال الضفة، مع ما يمثله هذا التهجير من انكسار، خاصة في ظل تجاهل احتياجاتهم. والنزوح والتهجير نفسه، عاشته العشرات من التجمعات البدوية في مناطق واسعة في الضفة.

ويدرك الفلسطينيون أن الضفة الغربية هي الساحة الأهم لإسرائيل، وهدفها الأكبر. ولهذا، تمضي في نهشها من دون رادع، وفي ظل غياب حَراك شعبي وطني جامع للمواجهة والاشتباك. ومرد ذلك إلى غياب مَن يقود الشارع، أو من هو قادر على تحريك الجمهور وتثويره في مواجهة واقع تزداد قبضته إحكاماً على عنق الضفة.

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: