الخميس, 14 أغسطس 2025 01:53 AM

تصاعد الضغوط الأوروبية على إسرائيل بسبب حرب غزة وتصاعد الخلافات الداخلية في الاتحاد الأوروبي

تصاعد الضغوط الأوروبية على إسرائيل بسبب حرب غزة وتصاعد الخلافات الداخلية في الاتحاد الأوروبي

في ظل استمرار التنديد الإسرائيلي، تواصل جهات فاعلة في أوروبا ممارسة الضغوط على تل أبيب لإنهاء الحرب في قطاع غزة. تجلى ذلك مؤخراً في تحذير أصدره «مجلس أوروبا»، الجهة الرقابية على «شؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان» في القارة، يدعو فيه دوله الأعضاء الـ 46 إلى ضمان «عدم استخدام الأسلحة المباعة لإسرائيل في انتهاكات لحقوق الإنسان في غزة».

أشار مفوّض المجلس، مايكل أوفلاهيرتي، في بيان، إلى أن الدعوة تشمل «تطبيق المعايير القانونية القائمة لضمان عدم السماح بنقل الأسلحة، عندما يكون هناك خطر استخدامها لارتكاب انتهاكات للحقوق الأساسية». وعلى الرغم من إعلان المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، الأسبوع الماضي، تعليق صادرات الأسلحة التي قد تستخدمها إسرائيل في النزاع في غزة، شدّد أوفلاهيرتي على ضرورة بذل «المزيد من الجهود، وبسرعة».

كما أصدرت مفوّضة إدارة الأزمات الأوروبية، حجة لحبيب، تحذيراً بشأن الهجوم العسكري الإسرائيلي الموسّع المحتمل في مدينة غزة، مشيرةً إلى أن القطاع «على شفا مجاعة»، بعدما «أصبحت المساعدات محظورة، وعمليات الإنزال الجوي غير فعّالة». واعتبرت لحبيب أن «الاستيلاء العسكري الإسرائيلي الكامل على القطاع سيكون كارثياً»، نظراً إلى أنه سيتسبب بـ«خسائر جماعية، وانهيار الخدمات، وتعرّض الرهائن للخطر».

وبذلك، تصبح لحبيب ثاني مفوّض للاتحاد الأوروبي يدين علناً الممارسات الإسرائيلية، بعدما دانت نائبة رئيس المفوّضية الأوروبية، تيريزا ريبيرا، بنيامين نتنياهو على خلفية الضغوط التي يمارسها «من أجل السيطرة الكاملة على قطاع غزة»، واصفة إياها بـ«الاستفزاز غير المقبول».

وبالمثل، ندّد الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان بـ«المجاعة» التي يعانيها سكان غزة، مطالبين بالتحرك «بشكل عاجل لوضع حدّ لها». وأشار الاتحاد الأوروبي و24 دولة، في بيان مشترك، وقّعته أيضاً كل من كندا وأستراليا، إلى «أن المعاناة الإنسانية في غزة بلغت مستوى لا يمكن تصوّره»، وأن «هناك مجاعة على مرأى منا».

على الرغم من تصاعد التعبير عن الغضب من الممارسات الإسرائيلية في أوساط المسؤولين الأوروبيين، أوردت صحيفة «بوليتيكو» تقريراً جاء فيه أن موظفي الخدمة المدنية في بروكسل يخوضون مواجهة متصاعدة مع المفوّضية الأوروبية في شأن حقهم في الاحتجاج على موقف الاتحاد تجاه إسرائيل. ويرى عدد متزايد من الموظفين أن فشل التكتل في ممارسة الضغط على تل أبيب، في الوقت الذي تُتهم فيه الأخيرة بارتكاب جرائم حرب في غزة، يجعل من المستحيل عليهم «أداء واجباتهم» من دون انتهاك قانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي.

وقالت إحدى المسؤولات، التي رفضت الكشف عن هويتها تخوّفاً من أي «عواقب مهنية»، للصحيفة، إن مؤسسات الاتحاد تجبر الموظفين على «التواطؤ»، وتنتهك «التزاماتهم الأخلاقية والقانونية، وتقمع المقاومة الضميرية، وتؤخّر أيضاً اتخاذ أي إجراءات ذات مغزى». وتبرّر الصحيفة موقف الموظفين بالإشارة إلى أنه على الرغم من اتهام الذراع الدبلوماسي للتكتل إسرائيل بانتهاك التزاماتها في مجال حقوق الإنسان بموجب اتفاقية التجارة بين الطرفين، وطرحها فكرة قطع العلاقات التجارية المؤاتية «وبرنامج هورايزون» لتبادل الأبحاث، فإن الزعماء الأوروبيين لم يتفقوا بعد على أيّ من هذين الإجراءين.

في المقابل، تؤكد المفوضية أن السياسة الخارجية للاتحاد «هي مسألة تخصّ الحكومات الوطنية»، وتطالب موظفيها بضرورة ما تسمّيه «الابتعاد عن السياسة». ووصفت المتحدثة باسم المفوّضية، أريانا بوديستا، الاحتجاج الداخلي على فشل الاتحاد في قطع العلاقات مع إسرائيل بأنه «سياسي بطبيعته»، مشيرةً إلى أنّ على الموظفين «الامتثال لواجباتهم والتزاماتهم… بطريقة محايدة ومخلصة».

وإذ زعمت المسؤولة أنه بإمكان موظفي الخدمة المدنية في التكتل استخدام «الأدوات الداخلية مثل الرسائل والحوار مع نقابات الموظفين والمديرين للاحتجاج»، لافتةً في المقابل إلى أن «مكان العمل ومباني الإدارة وأدوات العمل التي تضعها الإدارة تحت تصرف الموظفين ليست مكاناً للنشاط، لا لصالح قضايا سياسية معيّنة أو ضدها»، يشكّك المتظاهرون في القيمة الفعلية لتلك «الأدوات»؛ إذ إنه منذ نهاية تموز الماضي، وقّع نحو ألف و500 مسؤول في المؤسسة التي يبلغ قوامها 32 ألف فرد، من المحللين من المستوى المنخفض إلى كبار أعضاء مجلس الوزراء، على رسالة مفتوحة تسلّط الضوء على الظروف المتدهورة في القطاع المحاصر، متخوّفين من «ارتفاع هائل» في الوفيات المرتبطة بالمجاعة، «في حال لم يضغط الاتحاد الأوروبي على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات والغذاء»، وهو ما لم يلقَ آذاناً صاغية.

على المقلب الإسرائيلي، سخر رئيس وزراء الاحتلال، الأحد، من خطط بعض الدول الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين، واصفاً الفكرة، خلال مؤتمر صحافي، بـ«الخرافة»، ومتمسّكاً بخطته للسيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية. وأردف نتنياهو: «اليوم، معظم الجمهور اليهودي ضد الدولة الفلسطينية لسبب بسيط، وهو أنهم يعرفون أنها لن تجلب السلام، بل ستجلب الحرب»، لافتاً إلى أن «دخول الدول الأوروبية وأستراليا إلى جحر الأرانب هذا… أمر مخيّب للآمال، وأعتقد أنه أمر مُخز بالفعل، لكن هذا لن ينجح، ولن يغيّر موقفنا».

مشاركة المقال: