أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، أن قواته استهدفت دبابات في منطقة قرية سميع بمحافظة السويداء جنوب سوريا. وأوضح المتحدث أفيخاي أدرعي عبر منصة «إكس» أن الجيش الإسرائيلي هاجم عدة دبابات في منطقة قرية سميع التابعة لمنطقة السويداء.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن عدداً من أفراد الجيش قتلوا في السويداء نتيجة استهدافهم من قبل مجموعات «خارجة عن القانون». وأفادت وكالة «سانا» السورية الرسمية بمقتل جنود «أثناء انتشارهم لوقف الاشتباكات وحماية الأهالي في السويداء بعد استهدافهم من مجموعات خارجة عن القانون»، بينما أشارت وسائل إعلام محلية إلى سقوط ما لا يقل عن 4 قتلى من عناصر الجيش.
تزامن ذلك مع بدء القوات السورية بالانتشار في السويداء، وسط استمرار الاشتباكات الدامية بين مقاتلين دروز وعشائر من البدو، والتي أسفرت عن مقتل 50 شخصاً، وفقاً لـ «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بينهم ستة من القوات السورية.
تعيد هذه الاشتباكات، التي بدأت يوم الأحد، إلى الواجهة التحديات الأمنية التي تواجه السلطات الانتقالية في سوريا، فيما يتعلق بفرض الأمن. وكانت الساحة السورية قد شهدت أحداثاً مماثلة في الساحل السوري في مارس (آذار)، واشتباكات قرب دمشق بين مقاتلين دروز وقوات الأمن في أبريل (نيسان).
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الاشتباكات استمرت في بعض القرى بريف محافظة السويداء الغربي حتى يوم الأحد، وهو ما أكدته أيضاً منصة «السويداء 24 المحلية». وأحصى المرصد سقوط 50 قتيلاً في الاشتباكات المسلحة والقصف المتبادل في مدينة السويداء ومناطق في ريف المحافظة، منهم 34 من الدروز (بينهم طفلان)، و10 من البدو، بالإضافة إلى ستة قتلى من القوات السورية.
أصدرت وزارة الدفاع السورية بياناً أعربت فيه عن حزنها وقلقها إزاء التطورات الدامية في محافظة السويداء، والتي أسفرت عن أكثر من ثلاثين قتيلاً ونحو مائة جريح. وأضاف البيان أن الوزارة، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، باشرت نشر وحدات عسكرية متخصصة في المناطق المتأثرة، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وفك الاشتباكات بسرعة وحسم، مؤكدة التزام جنودها بحماية المدنيين وفق القانون.
وأشار البيان إلى أن «الفراغ المؤسساتي» الذي رافق اندلاع هذه الاشتباكات أسهم في تفاقم الفوضى وانعدام القدرة على التدخل من قبل المؤسسات الرسمية الأمنية أو العسكرية، مما أعاق جهود التهدئة وضبط النفس.
ووفقاً لـ «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بدأت الاشتباكات بعد اختطاف تاجر خضار درزي من مسلحي البدو الذين وضعوا حواجز على طريق السويداء – دمشق، ليتحول الأمر إلى عملية خطف متبادلة بين الطرفين. وأفادت منصة «السويداء 24» المحلية بإطلاق سراح المخطوفين من الطرفين، ليل الأحد.
إلا أن المرصد أشار إلى أن هذه الاضطرابات تعود إلى «توتر متواصل منذ اندلاع الاشتباكات ذات الخلفية الطائفية في أبريل (نيسان)» بين مسلحين من الدروز وقوات الأمن، في مناطق درزية قرب دمشق وفي السويداء، وشارك فيها مسلحون من عشائر البدو السنية في المحافظة.
أسفرت أعمال العنف التي اندلعت في أبريل (نيسان) عن مقتل 119 شخصاً على الأقل بينهم مسلحون دروز وقوات أمن. وإثر هذه الاشتباكات، أبرم ممثلون للحكومة السورية وأعيان دروز اتفاقات تهدئة لاحتواء التصعيد.
منذ مايو (أيار)، يتولّى مسلحون دروز إدارة الأمن في السويداء، بموجب اتفاق بين الفصائل المحلية والسلطات. لكن ينتشر في ريف المحافظة أيضاً مسلحون من عشائر البدو السنة.
من جهته، كتب وزير الداخلية أنس خطاب، على موقع «إكس»، أن «غياب مؤسسات الدولة، خصوصاً العسكرية والأمنية منها، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة»، معتبراً أنْ «لا حل لذلك إلا بفرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات بما يضمن السلم الأهلي وعودة الحياة إلى طبيعتها بكل تفاصيلها».
كانت وزارة الداخلية قد أعلنت، في وقت سابق، أنها ستبدأ بنشر قواتها بالتنسيق مع وزارة الدفاع. وأشارت الوزارة، في بيانها، إلى أن هذه الاشتباكات وقعت «على خلفية توترات متراكمة خلال الفترات السابقة».
في أعقاب الاشتباكات، دعا محافظ السويداء مصطفى البكور إلى «ضرورة ضبط النفس والاستجابة لتحكيم العقل والحوار»، مضيفاً: «نثمّن الجهود المبذولة من الجهات المحلية والعشائرية لاحتواء التوتر، ونؤكد أن الدولة لن تتهاون في حماية المواطنين».
ودعت قيادات درزية إلى الهدوء وحضّت سلطات دمشق على التدخل.
وبعد توليها الحكم، حضّ المجتمع الدولي والموفدون الغربيون الذين زاروا دمشق السلطة على حماية الأقليات وضمان مشاركتهم في إدارة المرحلة الانتقالية، وسط هواجس من إقصائهم، لا سيما بعد وقوع أعمال عنف على خلفية طائفية، عدا عن انتهاكات في مناطق عدة.
وفي يونيو (حزيران)، أسفر هجوم انتحاري على كنيسة في دمشق عن مقتل 25 شخصاً، واتهمت الحكومة تنظيم «داعش» بتنفيذه، مما فاقم مخاوف الأقليات في سوريا.
وتُقدّر أعداد الدروز بأكثر من مليون، يتركّز غالبيتهم في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن. ويقدّر تعدادهم في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يوجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، شمال غربي البلاد.
وبعد الاشتباكات في أبريل (نيسان)، شنّت إسرائيل غارات جوية في سوريا وحذّرت دمشق من المساس بأبناء الطائفة الدرزية.