في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بنزوح نحو 300 ألف فلسطيني جنوباً. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن ثلثي سكان مدينة غزة يرفضون المغادرة، ما يعكس فشل خطة التهجير الجماعي التي كانت تسعى إليها الحكومة الإسرائيلية لإخلاء شمال القطاع.
بعد الموافقة على عملية الاستيلاء على مدينة غزة واحتلالها في بداية آب/أغسطس الماضي، كشف مسؤولان إسرائيليان لشبكة "سي أن أن" الأحد عن قرب بدء العملية البرية على مدينة غزة في الأيام المقبلة، حيث قال أحدهما: "إنّها تقترب جدّاً"، بينما أشار الثاني إلى أنّها قد تبدأ الإثنين.
وقبل الهجوم البري، كثفت إسرائيل من تدمير الأبراج الشاهقة والمباني الرئيسية التي تزعم أنها تُستخدم من قبل حركة "حماس". وكان الجيش الإسرائيلي قد أطلق رسمياً في 3 أيلول/سبتمبر عملية عسكرية باسم "عربات جدعون 2" لاحتلال مدينة غزة بالكامل.
وفي سياق متصل، أبلغ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن عملية السيطرة على مدينة غزة قد تستغرق 6 أشهر، وأن حركة "حماس" لن تُهزم عسكرياً أو سياسياً حتى بعد احتلال المدينة، وفقاً لما ذكرته القناة 12 العبرية. وأشار رئيس الأركان إلى أن العملية البرية التي يستعد الجيش لتنفيذها في مدينة غزة "لن تحقّق حسماً كاملاً"، موضحاً أن الهدف من موقفه هو "توحيد التوقّعات مع الحكومة بشأن نتائج العملية البرية المرتقبة".
وأضاف في جلسة مغلقة أن "تحقيق حسم نهائي يتطلّب توسيع العمليات إلى مناطق أخرى في القطاع، بما يشمل المخيّمات المركزية، وهو ما قد يضع على إسرائيل تحدّياً مدنيّاً لا يرغب الجيش بتحمّله". وبحسب تقديرات المؤسسة الأمنية، فإن السيطرة على غزة قد تستغرق ما بين أشهر عدّة ونصف عام، قبل بدء مرحلة تطهير أوسع للمنطقة، وفق الإعلام العبري.
من جهتها، ذكرت "يديعوت أحرونوت" نقلاً عن مصادر برلمانية أنّ زامير أبلغ أعضاء في الكنيست أن نتنياهو لا يشاركهم تفاصيل المراحل المقبلة من العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأكّد زامير أنّ "هناك حالة من عدم اليقين داخل المؤسسة العسكرية والسياسية بشأن ما يُعرف بـ"اليوم التالي" في غزة، وما إذا كانت هناك خطّة استراتيجية واضحة لإدارة الوضع بعد انتهاء العمليات العسكرية، أو لمرحلة ما بعد حماس".
ويأتي هذا التصريح وسط تقارير إسرائيلية متزايدة تشير إلى خلافات عميقة بين المستويين السياسي والعسكري، بالإضافة إلى ضبابية الرؤية بشأن مستقبل القطاع. وقالت يديعوت أحرونوت إنّ هذا الغموض يُصعّب على الجيش الإسرائيلي وضع خطة طويلة الأمد، ويزيد من التحديات على الأرض.
إلى ذلك، أشارت القناة "12" إلى أن نتنياهو شدّد خلال الاجتماع الأمني في وقت سابق الأحد على ضرورة "البدء بالعملية ضمن الجدول الزمني المتّفق عليه"، وسط تزايد المخاوف من أن تؤدّي العملّية البرّية إلى تعريض حياة الأسرى لدى "حماس" للخطر. وقالت القناة إن نتنياهو بحث مع وزراء وقادة الأجهزة الأمنية "السيناريوهات المحتملة" في حال أقدمت "حماس" على إيذاء الأسرى أو إعدامهم خلال القتال. ولم تكشف القناة عن طبيعة الخطوات التي تجري دراستها.
إلى جانب وزير الحارجية جدعون ساعر، يعبّر زامير عن الصوت الأبرز ضد توسيع الحرب. ويبدو أن رئيس هيئة الأركان يخشى أنّه بمجرد دخول القوّات إلى مناطق إضافية، في عمق المناطق المبنية، سيكون من الصعب جدّاً وقف العملية بسرعة، وستُجرّ إلى الداخل لمواجهة خلايا حرب عصابات نشرها "حماس" وتتحصّن تحت الأرض في الأنفاق وبين أنقاض المباني. الخطّة تقضي بإدخال عشرات الآلاف من الجنود، معظمهم من وحدات نظامية، وفق صحيفة "هآرتس".
وقالت: "رئيس الأركان يقترح العودة إلى مسار صفقة، تتيح على الأقل إطلاق سراح 10 أسرى أحياء ونحو نصف جثامين القتلى، في مرحلة أولى. كما ستترك الصفقة هامشاً لشهرين إضافيين من التفاوض، أملاً في استكمالها وإنهاء الحرب. حتى لو فشلت المفاوضات لاحقاً، قال زمير للوزراء، يمكننا العودة إلى القتال. الجيش لا يستطيع ضمان سلامة 20 أسيراً أحياء (من أصل 48 محتجزين لدى حماس)، يُعتقد أن عدداً كبيراً منهم موجود في المنطقة التي أعلنت إسرائيل نيتها السيطرة عليها، في غزة ومحيطها. حماس لمّحت مؤخراً إلى أنها نقلت عمداً أسرى أحياء إلى هذه المنطقة. وإلى جانب خطر إصابتهم عن طريق الخطأ في القصف – إذ لا يتوفّر ما يكفي من معلومات استخبارية دقيقة عن أماكنهم – يبرز قلق آخر: لا يمكن استبعاد أن حماس، وهي محشورة في الزاوية، قد تقرّر إعدام أسرى إذا دخل الجيش مجدّداً إلى قلب غزة".
وأردفت: "قيادة التنظيم المتبقية في غزة دموية بما يكفي لاتخاذ مثل هذا القرار المتطرف. خلافاً للانطباع الذي حاول مكتب رئيس الوزراء ترسيخه الأسبوع الماضي، فإن ضربة مركّزة (فشلت فعلياً) ضد قيادة حماس في الخارج لم تكن لتؤثر إيجاباً على مسار المفاوضات. على امتداد التفاوض منذ مطلع هذا العام، عبّرت قيادة الداخل المختبئة في الأنفاق عن خط أكثر تشدداً داخل التنظيم، وقادت نهجاً قليل الاستعداد لتقديم تنازلات".
وختمت: "أمام هذه المخاطر، تثير الدهشة اللامبالاة المطلقة التي يظهرها معظم وزراء الحكومة. بتشجيع نتنياهو، خُصص جزء من جلسة الحكومة أمس للتحريض ضد المستشارة القضائية للحكومة ولادعاءات بعض الوزراء بأنهم ضحايا عنف خلال الاحتجاجات. هذا البكاء، حول عطلة نهاية أسبوع لم يُصب فيها سوى مصوّر صحفي مخضرم ضُرب على يد الشرطة، ليس عرضياً. إنه استمرار لمحاولة ربط محاولة اغتيال المؤثر اليميني الأميركي تشارلي كيرك بتضخيم الخطر من اليسار في إسرائيل. للأسف، يبدو أنّه مقارنة بقلقهم على أنفسهم، حياة الأسرى والجنود لا تهم معظم الوزراء قيد أنملة. لديهم شواغل أكثر إلحاحاً، مثل حضور أفراح أعضاء مركز الحزب. فبعد كل شيء، سنة الانتخابات على الأبواب".
لأخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار