تعتبر ذبابة ثمار الزيتون، التي تبدأ بالظهور في شهر نيسان من كل عام، من أخطر الآفات التي تصيب أشجار الزيتون في الساحل السوري، وتشكل تهديدًا اقتصاديًا كبيرًا نظرًا لتأثيرها السلبي على جودة وكمية المحصول. هذه الذبابة تثير قلق المزارعين وتدفعهم، بالتعاون مع الجهات المعنية، إلى البدء مبكرًا في التحضير لمكافحتها في الحقول للتخفيف من آثارها المدمرة.
ما هي ذبابة الزيتون؟
اختصاصية زراعة الزيتون وتكنولوجيا الزيت، ربا المعلم، أوضحت لعنب بلدي أن هذه الحشرة تبدأ بالظهور في الحقول اعتبارًا من شهر نيسان، ولكنها لا تضع البيوض قبل شهر حزيران، وتحديدًا في منتصفه في معظم السنوات، خاصة في الظروف المناخية ذات الرطوبة العالية، مما يجعلها أكثر شيوعًا في منطقة الساحل السوري.
وذكرت المهندسة أن ذبابة ثمار الزيتون هي حشرة صغيرة بطول 5 ملمترات، ذات لون أصفر كستنائي، وتعتبر من أبرز وأخطر الحشرات التي تهدد أشجار الزيتون، حيث يمكن أن تصل نسبة الضرر إلى أكثر من نصف المحصول.
وأضافت المعلم أن الضرر الناتج يتسبب في خسارة كبيرة في المحصول نتيجة لتساقط الثمار، وانخفاض نسبة الزيت فيها، وزيادة نسبة الحموضة في الزيت لاحقًا، مما يؤدي إلى ظهور طعم دودي يعتبر عيبًا حسيًا في الزيت، وبالتالي نقص في الجودة والقيمة التسويقية للثمار المخصصة للتخليل.
وأشارت إلى أن هذه الحشرة تزيد من خطر الإصابة بالفطريات والآفات الأخرى نتيجة للثقوب التي تتركها في الثمار. الأنثى تضع بيضة واحدة في كل ثمرة، وقد تضع أكثر من أنثى بيوضها على نفس الثمرة، وتتغذى اليرقات التي تخرج من البيض بعد الفقس على لب الثمار، حيث تقوم بعمل أنفاق داخل اللب.
ولفتت الاختصاصية إلى أن بعض الأصناف أكثر حساسية للإصابة من غيرها، خاصة الأصناف ذات الحجم الأكبر للثمار، وكذلك الأشجار المروية تكون أكثر عرضة للإصابة من الأشجار البعلية.
وحول الأعراض، أوضحت المهندسة أنه يمكن تشخيص الأعراض المبكرة على الثمار بعد أربعة أيام من وضع الأنثى للبيضة، وذلك من خلال ظهور لسعة بآلة وضع البيض، والتي تكون على شكل هالة نصف دائرية أو بعرض 0.2-0.5 سنتيمتر وعمق 1 ملمتر.
أما الأعراض المتأخرة للإصابة بالذبابة فتظهر بعد فقس البيض وبدء تغذي اليرقات على الثمار، حيث تظهر بقع بنية غامقة شبه دائرية، ويتلون اللب باللون البني. وعند تشريح الثمرة، يمكن العثور على اليرقة داخل اللب والأنفاق التي صنعتها. وبعد خروج اليرقات من الثمار إلى الأرض في طور العذراء، يمكن ملاحظة ثقب مكان خروج اليرقة، وفقًا للمهندسة.
طرق المكافحة الفعالة
عن طرق المكافحة، أوضحت المعلم أنها تتم عبر عدة مراحل، تبدأ خلال العمليات الزراعية، وتحديدًا الفلاحة بعد القطاف، والتي تعتبر عاملًا مساعدًا في القضاء على نسبة عالية من العذارى المختبئة داخل التربة، بالإضافة إلى جمع الثمار المصابة وإتلافها خلال الموسم (قبل الجني).
وأشارت الاختصاصية إلى أهمية مراقبة الأصناف الجاذبة للآفة، مثل "الدعيبلي" و"القيسي"، حيث تعتبر أصنافًا مفضلة للذبابة، وذلك لحماية الأصناف الأخرى كونها تصاب أولًا، ويجب تطبيق الرش الجزئي عليها في الوقت المناسب.
وأضافت المعلم أن من طرق المكافحة أيضًا اتباع أسلوب الصيد الجماعي، باستخدام المصائد الجاذبة بنوعيها (مصائد ماكفيلد والمصائد البلاستيكية)، وتعتبر وسيلة للسيطرة على مجتمع الحشرة الكاملة وتخفيض أعدادها لأدنى حد ممكن.
وأوضحت الاختصاصية أن المصائد الجاذبة تستخدم فيها مادة ثنائي فوسفات الأمونيوم بتركيز 1-2%، حيث تجذب هذه المصائد كلًا من الذكور والإناث، ويتم تعليقها بمعدل 5 مصائد في الدونم، على أن توضع مصيدة في كل شجرة بمحيط الحقل.
وعند ارتفاع معدلات الصيد في هذه المصائد أو في المناطق التي تعتبر بؤرًا للإصابة بالذبابة، توضع 10 مصائد في الدونم أو بمعدل مصيدة في كل شجرة من أشجار البستان ومصيدتان لكل شجرة في محيط الحقل، وتراقب هذه المصائد أسبوعيًا لمعرفة محتواها من الذباب، ويبدل المحلول كل أسبوعين، وفقًا للمهندسة.
المصائد الشائعة شعبيًا في المنطقة الساحلية عبارة عن عبوات بلاستيكية تملأ بالمادة الجاذبة، والتي يتم توزيعها عادة في الوحدات الإرشادية التابعة لمديريات الزراعة، حيث تثقب من 4 إلى 6 ثقوب متقابلة في الجزء العلوي منها، وتعلق على الأشجار مع دهنها من الخارج بلاصق الفئران.
تجدر الإشارة إلى أن أشجار الزيتون تعتبر واحدة من أقدم المزروعات الموجودة في سوريا، وقد احتلت سوريا المرتبة الرابعة عالميًا بين الدول المنتجة لزيت الزيتون من عام 2004 وحتى 2008، قبل أن يتراجع ترتيبها إلى المرتبة العاشرة خلال عام 2019.