الإثنين, 18 أغسطس 2025 02:37 PM

حلب بعد سقوط نظام البعث: ارتفاع جنوني في أسعار العقارات والإيجارات يهدد السكان

حلب بعد سقوط نظام البعث: ارتفاع جنوني في أسعار العقارات والإيجارات يهدد السكان

آردو جويد ـ حلب: شهدت مدينة حلب تغيرات جذرية في مختلف مناحي الحياة بعد سقوط نظام البعث، كان أبرزها الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات والإيجارات، الأمر الذي ألحق ضرراً بالغاً بحياة السكان، وخاصة ذوي الدخل المحدود. لم يعد توفير مسكن مناسب حقاً مضموناً للجميع، بل أصبح حلماً بعيد المنال للكثيرين.

الإيجارات بين مطرقة الأسعار المرتفعة وسندان الواقع

تحولت الإيجارات في حلب إلى كابوس يؤرق الأسر ذات الدخل المحدود، حيث تجاوزت المبالغ المطلوبة القدرة الشرائية لغالبية السكان، مما اضطرهم إلى ترك منازلهم والبحث عن بدائل أرخص في مناطق أقل حظاً من حيث الخدمات والمرافق. يقول محمد أديب (29 عاماً)، من سكان حي الزبدية: "وضع الإيجارات في حلب مرتفع جداً، خاصة في المناطق الشعبية. بالنسبة لي، إيجار بيتي أصبح عبئاً لا يطاق".

ويضيف: "الإيجار في منطقتي الشعبية يصل إلى 1800 دولار سنوياً، أي ما يعادل 18 مليون ليرة سورية، وهو مبلغ لا يستطيع أي شخص توفيره بسهولة، مهما كان عمله". ويشير محمد بلهجته المحلية في حديثه لنورث برس: "الشخص الذي يُطالب بدفع هذا المبلغ، عليه أن يعمل دواماً كاملاً أو أكثر ليتمكن من تأمين الإيجار، وهذا أمر صعب جداً". ويؤكد أن موضوع ضبط أسعار العقارات ضروري، مشيراً إلى أن إيجاره الذي كان حوالي 400 دولار قفز إلى 1800 دولار، وهو ارتفاع كبير وغير مبرر في حلب.

وتختلف الإيجارات حسب المنطقة وأهواء أصحاب العقارات، الذين يفرضون أسعارهم دون رقابة قانونية أو جهة حكومية تشرف على تنظيم سوق العقارات.

نظرة أصحاب العقارات إلى سوق العقارات

محمد عبد الغني (60 عاماً)، صاحب مكتب لبيع العقارات في الأحياء الشعبية، يقول: "قبل التحرير، كانت الإيجارات معقولة ومتوفرة، ولكن بعد التحرير ارتفعت الأسعار بشكل كبير بسبب عودة السكان وارتفاع الطلب مع قلة العرض. حالياً، لا توجد شقق للإيجار بسهولة".

ويضيف لنورث برس: "كانت الإيجارات تتراوح سابقاً بين 100 إلى 150 ألف ليرة سورية للشقة ثلاثية الغرف، و75 إلى 100 ألف ليرة للشقق ذات الغرفتين، أما الآن فقد تجاوزت الأسعار 400 إلى 600 ألف ليرة".

تلاشي حلم امتلاك منزل

لم يقتصر الارتفاع على الإيجارات، بل شمل أسعار العقارات التي ارتفعت بشكل جنوني، مما جعل حلم امتلاك منزل في حلب ضرباً من الخيال حتى بالنسبة لأصحاب الدخل الجيد نسبياً.

ويشير عبد الغني إلى أن: "قبل التحرير، كانت عمليات البيع والشراء نشطة، بدعم من المغتربين الذين يرسلون الأموال من لبنان وتركيا ومصر، خاصة في المناطق العشوائية التي لم تكن تتطلب موافقات أمنية". ويضيف: "لكن بعد التحرير، توقفت عمليات البيع والشراء وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، فالشقة التي كانت تساوي 75 مليون ليرة في المناطق الشعبية تجاوز سعرها الآن 100 مليون ليرة، وتختلف الأسعار بحسب المنطقة ونظافة العقار".

معاناة العاملين من تداعيات الأزمة

علي حنش (30 عاماً)، من سكان حي الفردوس وأب لأربعة أطفال، يعمل في صناعة الأحذية، يقول إنه لم يتمكن من العمل في مجاله منذ أكثر من شهر بسبب تراجع حجم العمل بعد تحرير حلب. هذا التراجع أثر سلباً على قدرته في تأمين متطلبات الحياة، وعلى رأسها إيجار المنزل الذي ارتفع من 100 ألف إلى 500 ألف ليرة سورية.

ويضيف لنورث برس: "ما يؤلم أن أصحاب العقارات يرفعون الإيجار تحت التهديد بعبارة: ما عجبك اطلع". ولم تقتصر الزيادات على المنازل، بل شملت المحال التجارية التي شهدت أيضاً ارتفاعاً جنونياً في إيجاراتها.

ويشير حنش إلى أنهم يعيشون في منطقتي الفردوس والصالحين، وهما من المناطق الشعبية الفقيرة، حيث يصل الإيجار في بداية الحي عند مساكن الفردوس إلى مليون ونصف المليون ليرة شهرياً. هذا الارتفاع الكبير يجعل من الصعب على السكان تحمل تكاليف السكن، ويهدد بتشريد العديد من العائلات.

ويعيش سكان حلب اليوم في ظل أزمة معيشية حادة، تتمثل في ارتفاع الأسعار الجنوني وتراجع فرص العمل، مما يزيد من معاناتهم اليومية ويحول تأمين أبسط مقومات الحياة إلى تحدٍ شبه مستحيل.

تحرير : معاذ الحمد

مشاركة المقال: