في حي كرم الزيتون بمدينة حمص، وبينما يحاول السكان العودة إلى منازلهم وترميمها، انكشفت واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها الحرب السورية. فقد تم العثور على مقبرة جماعية تحوي رفات عدد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وقد وُجدوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي.
تشير شهادات الأهالي إلى أن الضحايا أُعدموا ميدانيًا خلال الحملة العسكرية التي شنها النظام البائد وميليشياته على الحي في عام 2012، وهي الفترة التي بلغت فيها مجازر التطهير العرقي ذروتها في المدينة. وتفيد التقديرات بأن عدد الضحايا في المنطقة تجاوز 1600 شخص، بينما تذكر بعض المصادر أن العدد قد يقترب من 2000، والذين أُعدموا في أحياء الرفاعي وما حولها.
وثّق شهود عيان أن بعض الجثامين أُحرقت داخل مسجد الرفاعي، في حين دُفن آخرون في مقابر جماعية أو تُركوا في حدائق المنازل. كما وردت أنباء عن قيام عناصر الميليشيات بقطع أيدي بعض النساء لسرقة حليّهن.
أظهرت الصور التي وثّقت الجريمة جماجم وأشلاء أطفال ونساء، وُضعت لواصق على بعض الجماجم، مما أعاد إلى الأذهان مشاهد مماثلة من المجازر التي طالت المدنيين في مدن وبلدات أخرى.
أثارت الصور غضبًا شديدًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المستخدمون عن استيائهم من استمرار وجود بعض المسؤولين عن تلك الجرائم في مواقع عامة، بل ومشاركتهم في مؤتمرات تحت عنوان "السلم الأهلي" في مناطق مثل الحسكة والسويداء.
دعا ناشطون إلى عدم نسيان هذه الجرائم أو التهاون في محاسبة مرتكبيها، مؤكدين أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وأن تحقيق العدالة الانتقالية هو مطلب شعبي لضمان ترسيخ السلم الأهلي في سوريا. كما وجّهوا رسائل مباشرة إلى "الصامتين عن الظلم" وإلى من وصفوهم بـ"خونة دماء الشهداء"، مطالبين باحترام قدسية اللحظة وتضحيات الضحايا.
بعد مرور أكثر من 13 عامًا على ارتكاب هذه المجزرة، ما زالت خفاياها تتكشف، لتعيد فتح جراح السوريين وتذكّرهم بحجم المأساة الإنسانية التي عاشتها المدينة.
زمان الوصل