أطلق ناشطون حلبيون، من داخل المدينة وخارجها، مبادرة خدمية ومجتمعية تحت اسم "الوفاء لحلب". تهدف الحملة، التي تنطلق في 2 أيار، إلى تنفيذ فعاليات متنوعة لتجميل المدينة، وتحسين النظافة، والارتقاء بالواقع الخدمي والمجتمعي.
أوضح عبد العزيز مغربي، المسؤول التنفيذي للمبادرة، أن هذه المبادرة التطوعية تنبع من حاجة ملحة للمجتمع، حيث يواجه واقعًا خدميًا ومجتمعيًا يتطلب معالجة فورية. وأضاف أن دور المشاركين يتمثل في المساهمة الفعالة في تحسين هذا الواقع.
من جانبه، ذكر المنسق الإعلامي للحملة، أحمد حلاق (أبو روما)، أن المبادرة أطلقتها مجموعة من الناشطين بهدف تلبية الاحتياجات الكبيرة للمدينة. وتشمل الأنشطة إزالة المخلفات، وتنظيف الشوارع، وتنظيم جلسات حوارية لتعزيز السلم الأهلي والتماسك المجتمعي، والاهتمام بالمرافق العامة، وتحسين الخدمات، وإنارة الطرقات. وسيتم الإعلان عن أنشطة أخرى لاحقًا.
أشار حلاق إلى أن عدد المتطوعين تجاوز 800 شخص من مختلف الفئات العمرية والاختصاصات، بمن فيهم شخصيات حلبية بارزة تدعم المبادرة، مع توقعات بزيادة العدد.
الأولوية للنظافة
ستبدأ فعاليات المبادرة في 2 أيار، حيث ستتوجه الفرق التطوعية والمؤسسات إلى حيي صلاح الدين وكرم الجبل بشكل متزامن لتنفيذ حملة نظافة عامة، بالإضافة إلى حملة توعية في الحيين وأحياء أخرى لاحقًا، بحسب مغربي.
أكد المدير التنفيذي للمبادرة أن ملف النظافة يحظى بالأولوية نظرًا لقرب فصل الصيف وما يصاحبه من أوبئة. وتشمل الفعاليات رش المبيدات وإزالة القمامة المتراكمة، بالتزامن مع حملات توعية.
يهدف مغربي أيضًا إلى تحقيق تقارب اجتماعي أكبر من خلال مشاركة جميع الفرق بانسجام.
تنسيق مع الحكومة.. مؤتمر مرتقب
أوضح مغربي أن القائمين على المبادرة نسقوا مع الجهات الحكومية التي أبدت استحسانها للفكرة. وأشار حلاق إلى التنسيق مع المؤسسات الرسمية والفعاليات المدنية ومنظمات المجتمع المدني.
سيقام مؤتمر يوم الأربعاء 30 نيسان للشركاء والرعاة المتبرعين، بحضور شخصيات مؤثرة وفاعلة في المجتمع الحلبي ومنظمات المجتمع المدني. ويهدف المؤتمر إلى المطالبة بتحمل المسؤولية وتقديم الدعم للمدينة، حيث سيتم عرض دليل احتياج لبعض الملفات الضرورية.
كما ستطالب الفعاليات برفع العقوبات عن سوريا للخروج من الوضع الراهن، وفقًا لمغربي.
أشار الناشط "أبو روما" إلى أن الإعلان عن المبادرة سبق العمل لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المشاركات. ويعتبر تاريخ 2 أيار بداية المرحلة الثالثة ميدانيًا عبر فرق العمل التطوعية، والانتقال بين الأحياء حسب الجدول المحدد.
أكد الناشط أحمد هيطلاني، المقيم في اسطنبول، أن مشاركته تأتي كواجب على الناشطين المقيمين خارج سوريا تجاه الأهالي في الداخل. ويرى أن من واجبه المساهمة في إعادة إعمار البلاد اجتماعيًا واقتصاديًا، أو دعم إصلاح البنى التحتية.
يشارك هيطلاني بدعم المبادرة إعلاميًا والترويج للفكرة، بالإضافة إلى الدعم المادي الذي يعتبره أساسيًا في دعم المبادرة من السوريين في الخارج.
عانت مدينة حلب خلال سنوات الثورة من دمار واسع جراء القصف، وانقسمت الأحياء بين سيطرة المعارضة والنظام، مما عزز العزلة بين المجتمع الحلبي.
مجتمعان
بعد سيطرة المعارضة على حلب، عاد الكثير من المهجرين إلى المدينة، مما أظهر نوعًا من الانقسام المجتمعي بين من بقوا تحت سلطة النظام ومن غادروا. وتسعى مبادرة "الوفاء لحلب" إلى ردم هذا الشرخ وتقريب فئات المجتمع من خلال فعاليات اجتماعية وتوعوية.
يعتقد هيطلاني أن المبادرة توازن بين من عاشوا تحت "قمع" النظام وبين من خرجوا من سلطته، وأن العمل الجماعي مفتوح أمام الجميع.
"يجب علينا كأبناء الثورة أن نقدم كل ما نستطيع فعله تمهيدًا للاندماج، فالسوريون كانوا قبل أشهر مجتمعين مختلفين"، بحسب هيطلاني.
حملات تطوعية بعد التحرير
نشطت حركة المبادرات التطوعية الشعبية عقب سقوط النظام السوري السابق، لتنظيف مخلفات الحرب والارتقاء بالمستوى الخدمي بالمدن السورية. تنوعت المشاركات المجتمعية بين حملات تنظيف الشوارع، وإزالة ما يتعلق برموز النظام السابق، إضافة إلى توزيع طعام في المستشفيات والأماكن العامة وعلى المارة. كما عملت بعض الفرق التطوعية على سد النقص الذي خلفه السقوط المفاجئ للنظام السوري، عبر تنظيم حركة السير، وحماية مؤسسات الدولة.
يأمل الناشط حلاق أن تتوسع جغرافيا المبادرة لتشمل كامل الأراضي السورية لتعزيز ثقافة العمل الجماعي والفكر التطوعي ضمن النسيج السوري الواحد، وأن تشمل جوانب أخرى من الأنشطة حسب الإمكانيات المتاحة.