الأربعاء, 8 أكتوبر 2025 12:40 AM

خبراء: تحول جذري للاقتصاد السوري من الريع إلى الإنتاج التنافسي

خبراء: تحول جذري للاقتصاد السوري من الريع إلى الإنتاج التنافسي

دمشق-سانا: في لحظة تاريخية فارقة لسوريا، تبرز الحاجة الملحة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بعد فشل النموذج الريعي الذي استمر لعقود في تحقيق العدالة والكفاءة. حان الوقت للانتقال إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي يعزز الثقة ويطلق إمكانات السوريين نحو تنمية مستدامة.

التحول السياسي: نقطة انطلاق نحو اقتصاد مستدام

أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم نافع قوشجي في تصريح لـ سانا أن نجاح التحول السياسي في سوريا يمثل بداية حاسمة لإعادة بناء الاقتصاد على أسس حديثة ومستدامة. وشدد على ضرورة التحول من اقتصاد ريعي ضعيف إلى نموذج إنتاجي تنافسي قائم على الشفافية.

أوضح قوشجي أن الصناعة الحالية تعتمد على استيراد جميع مستلزمات الإنتاج، ولا تعتمد على الخامات والمواد الأولية المحلية، مما يجعل الاقتصاد السوري هشاً وعرضة لتقلبات سعر الصرف. كما يؤدي هذا إلى استيراد مواد منخفضة الجودة لخفض التكاليف، بما يتناسب مع انخفاض دخل المستهلكين.

إعادة الهيكلة وتوجيه الاستثمار

أشار قوشجي إلى أن تحقيق تأثير اقتصادي شامل يتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد وتوجيه الاستثمارات، خاصة الأجنبية، نحو القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة والطاقة. ودعا إلى ربط هذه الاستثمارات بشركات مساهمة عامة لضمان الشفافية وتعزيز الثقة المؤسسية، وإدراجها في سوق دمشق للأوراق المالية.

رؤية وطنية متوازنة: "سوريا 2035 من الريع إلى الإبداع"

في إطار رؤيته للتنمية المتوازنة، أكد قوشجي على أهمية توزيع المشاريع بشكل عادل لدعم التنمية الإقليمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. ودعا إلى تبني رؤية وطنية شاملة بعنوان: "سوريا 2035 من الريع إلى الإبداع"، تعتمد على إرادة سياسية جريئة وإصلاحات تشريعية ومؤسسية عميقة، وتفعيل دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في دفع النمو.

دعم ريادة الأعمال والتحول الرقمي

أشار قوشجي إلى ضرورة تفعيل صناديق تمويل وطنية لدعم ريادة الأعمال والابتكار الصناعي وتسهيل تأسيس الشركات الناشئة، بالإضافة إلى إصلاح النظامين الضريبي والتمويلي لتحقيق العدالة وتحفيز الإنتاج. وأكد أن التحول المنشود يتطلب رقمنة الإجراءات الحكومية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتنفيذ مشاريع كبرى ذات تأثير ملموس على مستوى المحافظات.

مؤشرات الأداء والمتابعة الشفافة

لفت قوشجي إلى أهمية وضع مؤشرات أداء دقيقة لقياس نتائج هذا التحول، مثل مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات التوظيف الصناعي، ونشر تقارير ربع سنوية للرأي العام. وأشار إلى أن هذه المرحلة تمثل فرصة تاريخية لسوريا لكتابة فصل جديد عنوانه: "الإنتاج، والكفاءة، والعدالة المستدامة".

ثلاث ركائز للانتقال إلى اقتصاد إنتاجي

من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي بجامعة دمشق، ياسر المشعل، أن الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي يعتمد على ثلاثة محاور رئيسية: تطوير سلاسل القيمة المحلية، وتعزيز التنافسية والصادرات، وتمكين الاقتصاد المعرفي وربط التعليم بسوق العمل.

تطوير سلاسل القيمة المحلية

يرتكز المحور الأول على رفع نسبة المكون المحلي في المنتجات النهائية من 30% حالياً إلى 60% خلال خمس سنوات، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويعمق التصنيع المحلي.

تعزيز التنافسية والصادرات

أما المحور الثاني، فيركز على تعزيز التنافسية العالمية من خلال استراتيجية وطنية للتصدير تهدف إلى مضاعفة الصادرات غير النفطية بنسبة 100%، والانضمام إلى اتفاقيات تجارة إقليمية ودولية لزيادة حجم التجارة الخارجية بنسبة 70%، بالإضافة إلى تطوير منظومة الجودة الوطنية بما يتوافق مع المعايير الدولية، مما يرفع نسبة المنتجات المطابقة للمواصفات العالمية بنسبة 150%.

تمكين الاقتصاد المعرفي

فيما يتعلق بالمحور الثالث، أشار الدكتور المشعل إلى أن الخطة تولي اهتماماً خاصاً بالاقتصاد المعرفي من خلال إصلاح نظام التعليم العالي والمهني وربطه بسوق العمل، مما يؤدي إلى خفض بطالة الخريجين من 60% إلى 30%. ودعا إلى رفع الإنفاق على البحث والتطوير من 0.2% إلى 1% من الناتج المحلي، وتشجيع ريادة الأعمال، مما يحقق نمواً في عدد الشركات الناشئة المبتكرة بنسبة 300%.

القطاعات المستهدفة وآفاق النمو

أوضح المشعل أن القطاعات المستهدفة في عملية التحول تشمل الصناعات التحويلية، وخاصة الصناعات الغذائية والنسيجية والدوائية وصناعة مواد البناء، والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، والخدمات ذات القيمة المضافة مثل تكنولوجيا المعلومات والسياحة المستدامة والخدمات اللوجستية، إضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة.

أثر التحول المتوقع

أكد المشعل أن تنفيذ هذا الانتقال سيرفع معدل النمو الاقتصادي إلى 7% خلال عقد، ويخلق 750 ألف فرصة عمل، ويخفض معدل البطالة إلى أقل من 20%، ويحسن مؤشرات الاكتفاء الذاتي والتنمية البشرية، مشدداً على أهمية التكامل بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لإنجاح هذه الرؤية الوطنية الطموحة.

مشاركة المقال: