الأربعاء, 13 أغسطس 2025 02:11 PM

خلاف سعودي مصري حول مطالب إسرائيلية ومبادرة جديدة لحماس تتضمن قوات عربية وتجميد السلاح

خلاف سعودي مصري حول مطالب إسرائيلية ومبادرة جديدة لحماس تتضمن قوات عربية وتجميد السلاح

بعد يومين من وصول وفد حركة «حماس» إلى القاهرة، كشفت مصادر مطلعة أن المناقشات مع المسؤولين المصريين تناولت توضيحات حول تصريحات خليل الحيّة، رئيس الحركة في غزة، التي أثارت «غضب» مصرياً، بالإضافة إلى بحث مقترحات بشأن الحرب والمفاوضات.

يأتي ذلك في ظل مساعي الوسطاء في الدوحة والقاهرة وأنقرة للضغط على «حماس» لقبول مقترح جديد يقوم على فكرة «الصفقة الشاملة» لإنهاء الحرب، والتي قد تؤدي إلى نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة، وهو مطلب إسرائيلي معروف. وأشار بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال، إلى أن الجهود تتركز حالياً على «صفقة شاملة»، مؤكداً أنه «لا إمكانية لصفقة جزئية، ولن نعود إلى الوراء».

أفاد مسؤول مصري شارك في الاجتماعات لـ«الأخبار» أن المرونة التي أظهرها وفد «حماس»، سواء بشأن «إمكانية تواجد قوات دولية وعربية بمهام محددة في غزة إلى حين تجهيز الشرطة وإعادة الأمن، أو تولي إدارة انتقالية بقيادة رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة مسؤولية القطاع»، عكست «تفهماً مبدئياً وأجواء إيجابية». وأضاف أن حديث «حماس» عن الاحتفاظ بسلاح المقاومة يبدو «مفهوماً» لدى القاهرة في هذه المرحلة، مع وجود اتفاق على أطر محددة لمهام القوات الدولية وطبيعة تحركات المقاومة.

في هذا السياق، أطلعت المخابرات المصرية وفد «حماس» على «مبادرة متكاملة» لإنهاء الحرب عبر اتفاق من مرحلتين: صفقة تبادل كبرى للأسرى، وآلية لضمان «أمن غزة» مستقبلاً.

من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المسؤولين المصريين طرحوا مبادرة جديدة تقوم على «عقد صفقة شاملة للإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين دفعةً واحدةً، مقابل إطلاق سراح عدد متّفق عليه من الأسرى الفلسطينيين»، على أن «تفضي الصفقة إلى إنهاء الحرب في غزة». وتتضمن المبادرة «بنوداً صريحة لوقف تصنيع وتهريب السلاح في غزة، ونفياً رمزياً لبعض قادة حماس إلى خارج القطاع»، مقابل «انسحابٍ تدريجيٍّ للجيش الإسرائيلي، بإشراف عربي ـــ أميركي، إلى حين التوصّل إلى حلّ نهائي بشأن سلاح غزة وحكمها». وتُلزم المبادرة «حماس» بـ«قبول وقف إطلاق نار طويل الأمد، وتجميد نشاط جناحها العسكري خلال مرحلة انتقالية، مع ضمانات من الوسطاء وتركيا بعدم إعادة استخدام السلاح».

يرتكز المقترح الجديد على مسار يؤدّي في نهاية الأمر إلى «نزع سلاح المقاومة».

وأوضحت قناة «كان» أن المرحلة اللاحقة «ستتضمّن مراقبة دولية لنزع سلاح الفصائل تدريجياً، ربما عبر تخزين الأسلحة في مستودعات تحت إشراف السلطة الفلسطينية وقوات عربية»، في حين أفادت «القناة 12» بأن المبادرة الجديدة للوسطاء «تسعى لحلول وسط من مثل التجميد المؤقّت لنشاط حماس العسكري بإشراف وضمانات دولية، بدل المطالبة بالاستسلام الكامل، والتخزين المراقَب للأسلحة إلى حين بلوغ ترتيبات نهائية». وبحسب القناة، فإن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في حال نجاح الاتصالات الجارية، «قد يُعلن قريباً انطلاق محادثات لوقف إطلاق نار شاملٍ استناداً إلى هذا التصوّر».

أما «معاريف»، فذكرت أن الأميركيين «يدعمون الخطة شريطة تحقيق تفكيك فعلي لقدرات حماس العسكرية ـــ ولو تدريجياً ـــ مع إشراك السلطة الفلسطينية في إدارة غزة مستقبلاً». وأشارت الصحيفة إلى «استعداد ضمني لدى السعودية والإمارات لدعم أي ترتيب يتّصل بغزة ضمن إطار لجنة عربية»، ما يدلّ على «مباركة» إقليمية واسعة للمبادرة، لا تقتصر على الدول الوسيطة. وفي السياق نفسه، ذكرت قناة «كان» أن الوفد الإسرائيلي المفاوِض مستعدٌّ للسفر إلى القاهرة خلال أيام إذا أحرز المصريون تقدّماً مع «حماس»، تمهيداً للدخول في مفاوضاتٍ مباشرة حول تفاصيل الصفقة المطروحة، فيما نقل موقع «أكسيوس» عن مصادر قولها إن «إسرائيل تدرس إمكانية إرسال وفد رفيع المستوى إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع»، وإن «ذلك يعني أن المحادثات ستبحث صفقة شاملة تنهي الحرب وتطلق سراح كل الرهائن».

على أن مسؤولاً مصرياً مشاركاً في الاتصالات قال، لـ«الأخبار»، إن الجانب الأميركي يعتقد أن «حماس لن توافق على المقترح الجديد»، ما سيدفع إسرائيل إلى تنفيذ تهديداتها بإطلاق عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مدينة غزة، فيما يرى مسؤولون أمنيون إسرائيليون، بحسب «هآرتس»، أن «احتمال قبول حماس بنزع سلاحها ضعيف جداً، وأنها لن تتخلّى عن سلاحها طوعاً». وعلى الرغم من تأكيد مصر وقطر أن الحركة موافقة على التخلي عن السلطة في غزة، فإن إسرائيل تصرّ على شرط التخلّي عن «السلاح»، وهو ما يراه الوسطاء غير مقبول في هذه المرحلة على الأقل.

وفي موازاة ذلك، أعاد طرحُ خيار «القوات الدولية» إلى غزة، النقاشَ حول طبيعتها والدول القابلة للانخراط فيها. وفي هذا الإطار، تؤكّد القاهرة استعدادها للمشاركة شريطة إضفاء «صبغة دولية» وتواجد عسكريين من دول أوروبية و«تفويضٍ أممي»، بحسب مصدر مصري مسؤول. كما ترفض مصر تحمّل مسؤولية القطاع وإدارته، تحت أيّ ظرف.

على أن ذلك الاستعداد المصري يوازيه قلقٌ من التحرّكات التي يقودها وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، في شأن الحرب على غزة، ورغبته في «فرض خياراتٍ محدّدةٍ بالتنسيق مع الأردن تدفع المقاومة نحو استسلامٍ كامل»، بحسب مصادر مصرية، وهو ما «تُبدي القاهرة حياله تحفّظات»، إذ على الرغم من التناغم الدبلوماسي الظاهر بين القاهرة والرياض، بدأت توتّرات مكتومة حول غزة تطفو على السطح، في ظلّ رؤى متباينة بالكامل. وبحسب المصدر المصري، تتضمّن المطالب السعودية «الضغط على المقاومة الفلسطينية للاستسلام للمطالب الأميركية ـــ الإسرائيلية، ودعم بعض مسارات التهجير المقترحة عبر آلياتٍ عدّة، وهو ما يوافق عليه الأردن وينخرط فيه»، بينما تواجه القاهرة ذلك دبلوماسياً حتى الآن، وبالتنسيق والتواصل مع حركة «حماس».

مشاركة المقال: