الأربعاء, 25 يونيو 2025 09:34 AM

دمشق: الفن السوري يحيي ذكرى المغيبين قسراً في المتحف الوطني

دمشق-سانا: استحضرت ريشة الفنانين وأنغام الموسيقى في الفعالية المقامة بالمتحف الوطني بدمشق قضية المعتقلين والمغيبين قسراً، وذلك تحت عنوان "ثلاثة أيام من الفن والذاكرة".

في اليوم الأول من الفعالية التي ترعاها وزارة الثقافة، قُدّم للزوار معرض فني بعنوان "لمن لم يُذكر.. ولن يُنسى" للفنانة رانيا النجدي. جسدت النجدي مشهداً مؤثراً من خلال طائرات ورقية متدلية من سقف القاعة، معبرةً عن الحرية والذاكرة، ومستحضرةً أرواح المعتقلين والمغيبين قسراً على يد النظام البائد، وذلك في لوحة فنية امتزجت مع أصالة وجمالية القاعة الشامية في المتحف.

رسالة المعرض.. الفن صوت الحرية والذاكرة

الفنانة رانيا النجدي، مهندسة الديكور والناشطة في الثورة السورية منذ عام 2011، صرحت لمراسل سانا قائلة: "عشت تجربة الاعتقال في سجون النظام البائد ثلاث مرات، لذلك أعرف جيداً معاناة المعتقلين وأهاليهم الذين يشعرون بالخذلان والوحدة. من خلال هذا المعرض، نود أن نوصل رسالة لهم بأنهم ليسوا وحدهم، وأننا سنظل نذكر قصصهم وأسماءهم ونطالب بالعدالة الحقيقية".

وأضافت النجدي: "العمل الفني يتمثل في طيور ورقية مصنوعة بطريقة الأوريجامي اليابانية، ترمز إلى الحرية، وقد صُممت بشكل معماري مدروس لتُعلّق في فراغ القاعة". وأشارت إلى أن الهدف هو إيصال رسالة تضامن ودعم لأهالي الضحايا.

عزف حي للموسيقي العالمي كنان العظمة

تضمنت الفعالية عزفاً حياً لعازف الكلارينيت السوري العالمي كنان العظمة، الذي قدم ثلاث مقطوعات موسيقية من تأليفه خلال 22 دقيقة، مستوحاةً من الثورة وكان قد كتبها خلال غربته عن سوريا. عبر العظمة عن مشاعره قائلاً: "في هذه القاعة الصغيرة، شعرت بأن أرواح المغيبين حاضرة معنا، وكأن الطيور الورقية تمثلهم. ربما الموسيقا ليست قادرةً على إعادة المغيبين، لكنها بلسم صغير للروح، ورسالة فنية تحمل صوت الضحايا وأملنا في المستقبل".

وأشار العظمة إلى أن تقديم هذه المقطوعات في دمشق لأول مرة بعد انقطاع طويل يحمل رسالة تفاؤل رغم الألم، مؤكداً أن الظلم لن يدوم وأن هناك دائماً أمل في انفتاح البلاد أمام حرية التعبير والمشاركة.

صوت الناجين والناشطات.. جرح مفتوح وأمل مستمر

في سياق الفعالية، حاورت سانا الناشطة وفا علي مصطفى، من منظمي المعرض، والتي غيب النظام البائد والدها في المعتقلات عام 2013. أكدت مصطفى أن المعرض هو محاولة جديدة لرفع صوت أهالي المعتقلين والمغيبين، مشيرةً إلى أن القضية ليست فقط قضية أهلهم، بل قضية وطنية إنسانية تمس كل السوريين.

وأضافت مصطفى: "نحن مجموعة من الأصدقاء والناشطين، نعمل من أجل العدالة والحرية، ونسعى لجمع الجهود والأصوات لدعم هذه القضية".

شارك في تنظيم الفعالية أيضاً الناجي من معتقلات النظام البائد بعد أكثر من 14 عاماً، سنان آل رشي، الذي اعتقل عام 2011 وعاد لاستكمال دراسته في كلية الحقوق، معبراً عن الألم المستمر بسبب غياب رفاقه وأحبائه. وقال: "رغم خروجنا من المعتقلات، جرحنا ما زال مفتوحاً، وأهم ما نعمل عليه هو دعم أهالي المختفين الذين هم محور حياتنا وأملنا في المستقبل".

تؤكد هذه الفعالية الفنية والإنسانية أن الفن والثقافة يمكن أن يكونا منبراً قوياً لتسليط الضوء على قضايا العدالة والحرية، وأن ذكرى الضحايا والمعتقلين ستظل حيةً في وجدان السوريين، حتى تتحقق العدالة ويعم السلام في وطنهم.

يذكر أن الفعالية التي توقفت حداداً على أرواح ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق، ستتابع فعالياتها يوم الخميس القادم من خلال نشاط كتابة رسائل من أهالي المعتقلين والمفقودين، وجلسة حوارية عن أثر الغياب وأهمية الذاكرة والعدالة، على أن يعرض أيضاً في إطارها الفيلم الوثائقي "عيوني" للمخرجة ياسمين فضة يوم الجمعة القادم.

مشاركة المقال: