الخميس, 21 أغسطس 2025 04:43 AM

دمشق تحت وطأة الحر: أزمة النفايات تتفاقم وحلول إسعافية قيد التنفيذ

دمشق تحت وطأة الحر: أزمة النفايات تتفاقم وحلول إسعافية قيد التنفيذ

"مشهد أكياس القمامة المحيطة بالحاويات الممتلئة يزيد من معاناتنا مع ارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى انتشار الحشرات والروائح الكريهة في شوارع دمشق." هكذا عبرت سلوى الغول عن استيائها من تراكم النفايات في حاويات دمشق. وأوضحت السيدة الأربعينية، المقيمة في منطقة الصناعة بدمشق، لـ عنب بلدي، أن شوارع المنطقة تعاني من تدهور مستوى النظافة بسبب تراكم النفايات والأوساخ، بالإضافة إلى ضعف ضخ المياه، مما يعيق تنظيف الشوارع من قبل السكان.

أثار تدهور النظافة في أحياء مدينة دمشق استياء السكان، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة الأخير، وانتشار الحشرات والكلاب الضالة حول الحاويات، فضلاً عن الروائح الكريهة المنبعثة من النفايات.

انتشار الحشرات والروائح

سها الحجار، من منطقة الفحامة بدمشق، تحدثت لـ عنب بلدي عن وضع النظافة في المنطقة، قائلة إن القمامة لا ترفع يوميًا من الحاويات، وأحيانًا تبقى لأكثر من يومين، مما يشكل "تلة قمامة" بجانب الحاوية.

"عدم رفع القمامة ساهم في انتشار الحشرات بشكل كبير في الحي، كالبرغش والذباب والصراصير، بالإضافة إلى الروائح المنتشرة التي تمنعنا من فتح النوافذ لتجنب استنشاقها"، بحسب ما أوضحته سها لـ عنب بلدي.

وافقها الرأي صالح المنجد، أحد سكان منطقة المزة، معتبراً أن وضع النظافة في دمشق سيئ للغاية منذ أشهر، سواء الحاويات أو نظافة الشوارع، مطالباً محافظة دمشق بالتدخل السريع لتفادي الأزمة وتداعياتها.

وخلال رصد أجراه مراسل عنب بلدي في أحياء دمشق، تبين أن أغلبية الشوارع تشهد تراكم النفايات في الحاويات، دون ترحيلها يوميًا. وطالب الأهالي محافظة دمشق بالتحرك لترحيل نفايات الحاويات يوميًا، مع تنظيف الشوارع الرئيسية وعدم إهمالها.

أعطال الآليات سبب

طالب الأهالي بتحرك الجهات المعنية في دمشق والقيام بإجراءات لترحيل القمامة يوميًا، معتبرين أن محافظة دمشق هي الأسوأ من حيث واقع النظافة.

مدير النظافة ومعالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق، عبدو العلوش، قال لـ عنب بلدي، إن المديرية عانت خلال الأسبوع الماضي من ارتفاع نسبة الأعطال في الآليات العاملة على ترحيل القمامة، وتدني جاهزية الآليات لديها، الأمر الذي أدى إلى تراكم القمامة في بعض الأحياء.

وبحسب العلوش، تعمل مديرية المركبات على الإسراع في عملية إصلاح الآليات، وخاصة الأعطال الخفيفة، للعودة إلى العمل. ومن الحلول الإسعافية التي اتخذتها المديرية، الحملات المكثفة للمناطق التي شهدت تراكمًا للنفايات بواسطة آليات قسم الترحيل التابع للمديرية، حيث تم تدارك هذا التراكم وترحيله وتجاوز هذه المرحلة، بحسب قوله.

وأكد أن العمل مستمر، وأن "محافظة دمشق لن تتوانى عن العمل لرفع مستوى النظافة في العاصمة دمشق". وأشار إلى أن نقل محطة القمامة في منطقة باب شرقي، والتي كانت قريبة من كافة أحياء مدينة دمشق، إلى محطة الكسوة، أحدث أثرًا كبيرًا من خلال زيادة المسافة التي تقطعها الآليات إلى الكسوة، والتي تتجاوز في بعض مراكز التنظيف 35 كم.

عملية النقل أدت إلى تأخير دورة الآلية في الترحيل وإلى أعطال تتعرض لها أثناء العمل، وخاصة أن معظم الأسطول العامل على ترحيل القمامة متهالك، ولم يتم تحديثه أو تطويره، مما أدى إلى حدوث تراكم للقمامة في بعض المناطق، وهو ما يتم علاجه من خلال إجراء حملات مكثفة لها بواسطة الآليات الهندسية التابعة لقسم الترحيل في مديرية النظافة.

رفعت المديرية احتياجاتها اللازمة التي تضمنت تحديث الأسطول العامل على ترحيل القمامة لمحافظة دمشق، التي وجهت المديريات المعنية لتأمين كافة مستلزمات واحتياجات مديرية النظافة، ووضعها ضمن أولوية عمل هذه المديريات نظرًا لأهمية القطاع.

حلول إسعافية

أكد مدير النظافة ومعالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق، عبدو العلوش، أنه تم مؤخرًا حضور اجتماع برئاسة محافظ دمشق، ماهر مروان، لبيان الصعوبات التي تواجه عمل المديرية، حيث وجه بتذليل الصعوبات والعمل على الحلول الإسعافية التي تم طرحها خلال الاجتماع، ومنها:

  • تأمين آليات من الأسواق المحلية لمؤازرة آليات المديرية.
  • إعداد مشروع استئجار آليات لمدينة دمشق القديمة لتخديمها بالشكل الأمثل، كونها واجهة سياحية ومزارًا لكل السياح.
  • استثمار الآليات التي كانت تعمل ضمن مدينة دمشق القديمة، والاستفادة منها في مواقع أخرى.

تراكم النفايات في الحاويات يسهم في انتشار الحشرات بشكل مبالغ فيه، مع عدم وجود عمليات رش للمبيدات للحاويات أثناء تنظيفها، مما يثير استياء الأهالي.

وقال العلوش، إن لدى محافظة دمشق ورشة مختصة برش المبيدات الحشرية، وهي تابعة لمديرية الشؤون الصحية، حيث تقوم برش كافة أحياء وشوارع مدينة دمشق، وفق برنامج معد مسبقًا لهذا الغرض، ويشمل كافة المناطق دون استثناء.

مشكلة النفايات

مشكلة انتشار النفايات وتراكمها ليست جديدة في سوريا، لكنها تفاقمت مع زيادة المشهد السوري قتامة وتعقيدًا بعد عام 2011، خاصة أن إدارة النفايات الصلبة كانت مشكلة بيئية معترف بها في سوريا قبل ذلك العام، وهو ما تناولته عنب بلدي في تحقيق سابق.

وكان التعامل مع النفايات غير مناسب، ويفتقر إلى الرقابة التنظيمية على الانبعاثات الصادرة عن البيئة، وكان نظام الحوكمة البيئية ضعيفًا، وفق تقرير لمنظمة منظمة "PAX" الهولندية عام 2015.

قبل 2011، ورغم جمع النفايات المنزلية، فإن مدافن النفايات كانت جميعها مفتوحة، وكثيرًا ما يتم حرق النفايات غير المكشوفة في حفر مفتوحة ولا يتم التخلص من النفايات الخطرة بشكل منفصل، ومع مرور السنوات أدى تصاعد العنف والصراع إلى تفاقم الوضع، وفق تقرير منظمة "PAX".

وبسبب الانهيار شبه الكامل لخدمات إدارة النفايات، لا تزال كميات كبيرة من النفايات ملقاة في الشوارع في جميع أنحاء البلاد، ولجأت العديد من البلديات إلى مثل هذه التدابير كالحرق أو الإغراق غير المنضبط، ما زاد التهديد من انتشار الأمراض والطفيليات.

مشاركة المقال: