الأربعاء, 21 مايو 2025 01:23 AM

دمشق تواجه أزمة مياه حادة: انقطاعات متزايدة واستغلال يفاقم معاناة الأهالي

دمشق تواجه أزمة مياه حادة: انقطاعات متزايدة واستغلال يفاقم معاناة الأهالي

في حي ساروجة الدمشقي، لم يعد الحديث عن نقص المياه مجرّد تذمّر عابر، بل تحوّل إلى أزمة حقيقية تؤرّق الأهالي، مع انقطاعات طويلة تمتد لأكثر من يومين أحيانًا، تتزامن في كثير من الأحيان مع انقطاع التيار الكهربائي، ما يعقّد المشكلة أكثر.

معاناة يومية تزداد حدّة

يصف عماد دياب، أحد سكان الحي، الوضع لمنصة سوريا 24 قائلًا: “وضع المياه صعب للغاية، والانقطاعات أصبحت شبه يومية. الأزمة بدأت تدق فعلاً أبواب مدينة دمشق”. يؤكّد عدد من السكان أن توزيع المياه يتم وفق جدول صارم من قبل مديرية المياه، بواقع “ساعة واحدة كل يومين”، لكن المشكلة تكمن في تزامن هذه الساعة أحيانًا مع انقطاع الكهرباء، ما يمنع تعبئة الخزانات لمن لا يملكون مولدات كهربائية. يشرح محمد عمار، وهو من سكان الحي أيضًا، قائلاً: “عندما تأتي الكهرباء، فقط من يملك مولدة يستطيع تعبئة المياه. أما من لا يملكها، فيفقد فرصته حتى اليوم التالي”. ويضيف أن بعض الأهالي اضطروا لتركيب خزانات إضافية كحل مؤقت، لكنّ ذلك مكلف ولا يستطيع الجميع تحمّله.

استغلال وظروف غير عادلة

لا تقف المعاناة عند حد الانقطاع فقط، بل تتعداها إلى استغلال واضح من قبل بعض أصحاب المولدات وصهاريج المياه، حيث ارتفعت أسعار التعبئة بشكل كبير في غياب أي رقابة. ويحذّر السكان من أن “ما نراه اليوم هو مجرد بداية، والخوف من القادم”. يقول أحد المتضرّرين: “من يملك مولدة قوية بقدرة حصان ونصف، يستطيع تشغيل مضخة المياه وسحب كميات كبيرة إلى منزله، وهو ما يؤثّر على جيرانه الذين لا تصلهم المياه أصلًا”. ويضيف: “حتى بعض من لديهم مولدات، يعجزون عن تعبئة الخزانات لأن القدرة غير كافية أو لا تتزامن مع مجيء الكهرباء والمياه معًا”.

غياب التنظيم ونداء للترشيد

من جهته، يرى الدكتور توفيق الأيوبي، وهو من سكان الحي وعضو لجنة محال سوق ساروجة، أن تفاقم الأزمة يعود أيضًا إلى غياب الترشيد وسوء إدارة الموارد. ويقول في حديثه لمنصة سوريا 24: “المياه تنقطع لفترات طويلة، وأحيانًا ليومين كاملين. هناك منازل تصلها المياه، وأخرى لا، بسبب ضعف الضخ والانحباس”. ويقترح الأيوبي حلولًا منها: استثمار الآبار الموجودة رسميًا وربطها بشبكة بردى، إلى جانب وضع حد للحفر العشوائي الذي يستنزف المياه الجوفية بشكل غير منظم. كما دعا إلى ترشيد الاستهلاك، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: “لا تُسرف في الماء ولو كنت على نهر جار”، مضيفًا بأسى: “للأسف، لا أحد يلتزم”.

تراجع نبع الفيجة… والقلق يتصاعد

وكان المهندس أحمد درويش، المدير العام لمؤسسة مياه دمشق وريفها، قد قال في تصريحات سابقة لمنصة سوريا 24 إنّ العاصمة تواجه تحديًا غير مسبوق في قطاع المياه، نتيجة تراجع حاد في منسوب نبع عين الفيجة، المصدر الرئيسي لمياه الشرب في دمشق، والذي يغطي نحو 70% من حاجتها اليومية. وأوضح درويش أن انخفاض الهطولات المطرية بنسبة تقارب 35% هذا العام – وهي الأدنى منذ عام 1956 – انعكس مباشرة على غزارة النبع، ما أدى إلى تراجع في الكميات المنتجة يوميًا. واعتبر ذلك “مؤشرًا مقلقًا على صعيد الأمن المائي للمدينة”.

وتتراوح حاجة دمشق اليومية من مياه الشرب بين 700 و800 ألف متر مكعب، يتم تأمينها من عدة مصادر، أبرزها نبع الفيجة، إلى جانب آبار منتشرة في دمشق وريفها، ونبع بردى بكميات محدودة، بالإضافة إلى محطات ضخ ثانوية تُفعّل خلال فترات الذروة. وأشار درويش إلى أن المؤسسة تعمل حاليًا على إعادة تأهيل الآبار الاحتياطية القديمة، التي بقيت خارج الخدمة لأكثر من 14 عامًا بسبب الإهمال أو التخريب. كما أضاف أن هناك خطة طوارئ بدأت المؤسسة بتنفيذها، تشمل تشغيل هذه الآبار، وإحياء المصادر الثانوية، وتعديل جداول توزيع المياه بما يتماشى مع الكثافة السكانية، لضمان عدالة التوزيع والحد من الانقطاعات الطويلة.

مشاركة المقال: