تعاني بلدة دير العصافير، التي قدمت تضحيات كبيرة منذ بداية الثورة السورية، من فراغ خدمي خانق بعد عودة الأهالي المهجرين، وذلك عقب سيطرة قوات النظام على الغوطة الشرقية. فمنذ نيسان/أبريل 2011، كانت دير العصافير من أوائل البلدات التي انتفضت في الغوطة الشرقية، وشهدت مظاهرات شعبية سبقت الحراك في مدن مثل عربين ودوما وحي الميدان.
خلال فترة المواجهات، أصبحت البلدة ملاذًا لثوار الغوطة، ومنها انطلق أول فصيل مسلح في المنطقة، وهو "لواء أمهات المؤمنين" الذي ضم كتائب متعددة حملت أسماء زوجات النبي، وتشكّل من أبناء دير العصافير والقرى المحيطة مثل الغزلانية وزبدين وشبعا وحي التركمان.
يروي محمد بكار، أحد أبناء البلدة، لـ"سوريا 24" تفاصيل التهجير المتكرر والمصالحات المنتهكة، قائلًا: "في عام 2016، تعرضت دير العصافير لتهجير واسع نحو القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، ثم جاء عام 2018 بالتهجير الأكبر نحو الشمال السوري". ويضيف أن ما بين 200 إلى 300 عائلة ممن بقوا في الغوطة اضطروا إلى القبول بـ"مصالحة" مع قوات النظام، لكنها كانت "مجرد خدعة"، حيث اعتُقل العشرات بعد تسوية أوضاعهم، ولا يزال نحو 300 شخص مغيبين في سجون النظام، وكثير منهم قضوا تحت التعذيب.
بعد سيطرة النظام، بدأ قسم من المهجرين بالعودة تدريجيًا إلى دير العصافير. ووفقًا لبكار، عاد ما بين 200 إلى 300 عائلة من الشمال، ليصل عدد السكان حاليًا إلى نحو 2700 عائلة، موزعين بين البلدة والمناطق التابعة لها مثل حوش الدوير والركابية. لكن العودة لم تنهِ المعاناة، بل كانت بداية فصل جديد من الإهمال.
يصف أبو علي مصعب، عضو مجلس أعيان البلدة، الوضع الخدمي في البلدة بأنه "موجود اسمًا وغائب فعلاً". ويوضح أن هناك مجلسًا محليًا ومستشفى ومستوصفًا ومدارس ومقرًا حزبيًا تحول إلى مركز ثقافي، لكن معظم هذه المرافق خارج الخدمة ولا تقدم شيئًا يُذكر. ويشير إلى أن عمل المجلس المحلي يقتصر على النظافة وتنظيم شؤون البناء، أما الخدمات الأساسية فهي "صفر".
ويضيف: "منذ 16 يومًا لا توجد تغطية لشبكة سيرياتيل بسبب أعطال في البرج أو البطاريات، ولم يتحرك أحد لإصلاحها رغم الحاجة".
يبدو قطاع الصحة الأكثر تدهورًا، فالمستوصف فيه طبيب عام وفريق لقاح وطبيب أسنان، لكن العيادة بلا كرسي. أما المستشفى، فبحاجة إلى إعادة تأهيل كاملة، والناس تضطر إلى الذهاب إلى مشفى المجتهد في دمشق، وهو أقرب نقطة علاجية فعّالة رغم المسافة والمعاناة.
فيما يخص القطاع التعليمي، تضم البلدة سبع مدارس تابعة إداريًا لعدة مناطق، اثنتان منها مدمرتان بشكل كامل. أما باقي المدارس، فقد أُعيد تشغيلها بجهود أهلية بحتة، ودون أي دور حكومي فعلي.
ويختتم أبو علي بالقول: "كل ما يحدث اليوم هو جهود المجتمع المحلي. الجهود الحكومية شبه غائبة، والخدمات الصحية والتعليمية في مستوى ما تحت الصفر. الناس عادت إلى بيوتها، لكنها لم تعد إلى حياة طبيعية".