الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 12:14 PM

رائد الفارس: صوت كفرنبل الذي هزّ الطغيان وأضاء شعلة الحرية

رائد الفارس: صوت كفرنبل الذي هزّ الطغيان وأضاء شعلة الحرية

في أعقاب التغيّرات الكبيرة التي شهدتها سوريا في 8 كانون الأول 2024 وسقوط النظام، يبرز اسم رائد الفارس كرمز للحرية والعمل المدني، خاصة في المناطق التي عانت من العزلة الإعلامية. في ذكرى رحيله، يصبح التعريف به واجبًا وطنيًا وإنسانيًا لربط الماضي بالحاضر وتقديم قصة رجل سعى لإنقاذ الوطن بالكلمة.

رائد الفارس (1972-2018) لم يكن صحفيًا تقليديًا، بل تاجرًا تحول إلى ناشط. بعد اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، وجد نفسه في قلب الحراك المدني في كفرنبل. ابتكر لغة احتجاج فريدة من خلال لافتات كفرنبل الشهيرة، التي تميزت بالبساطة والعمق والسخرية، وخاطبت العالم والسوريين على حد سواء. انتشرت هذه اللافتات عالميًا، وأصبحت كفرنبل مرادفًا للصوت المدني.

في عام 2013، أسس رائد الفارس إذاعة "راديو فريش"، وهي محطة محلية بثت الأخبار والبرامج الخدمية والموسيقى في ظل صراعات متعددة. لم تكن الإذاعة مجرد مشروع إعلامي، بل محاولة للحفاظ على الحياة الطبيعية. واجهت الإذاعة مضايقات من النظام وأطراف من المعارضة، لكن رائد ظلّ مؤمنًا بحق الناس في سماع صوت مختلف.

لم يتراجع رائد الفارس في مواجهة الخوف، وانتقد النظام وداعش وبعض فصائل المعارضة والمجتمع الدولي. كان صوته صوت حياة، منحازًا إلى الناس وفكرة الحرية المدنية. في 23 تشرين الثاني 2018، اغتيل رائد الفارس مع زميله المصور حمود جنيد، في جريمة لم يُكشف عن مرتكبيها رسميًا حتى اليوم. لكن المؤكد أن الهدف كان إسكات الكلمة، فارتفعت الكلمة أكثر.

الحديث عن رائد الفارس اليوم ضروري لسوريا الجديدة بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، للكشف عن الأسماء التي حُجبت قسرًا. لم يكن مجرد "إعلاميًا من إدلب"، بل وجهًا من وجوه سوريا المؤمنة بالحياة. إعادة سرد قصته هي خطوة نحو إعادة بناء الذاكرة الوطنية.

لافتات كفرنبل ما زالت تُعرض في معارض عالمية، وبرامج راديو فريش محفوظة كتوثيق لزمن حاولت فيه مدينة صغيرة أن تثبت وجودها. في ذكرى اغتياله، يظل رائد الفارس درسًا لسوريا التي تحاول إعادة بناء نفسها: الكلمة الحرة لا تموت.

مشاركة المقال: