عنب بلدي – هاني كرزي
خلق إعلان رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا حالة تفاؤل لدى الشارع السوري بمستقبل أفضل على مختلف الأصعدة، بما فيها القطاع الرياضي، الذي تأثر كثيرًا بتلك العقوبات، ولا سيما فيما يتعلق بملف الأموال المجمدة، التي ستسهم استعادتها في تطوير القطاع.
العقوبات الأمريكية التي كانت مفروضة على سوريا أثرت على واقع الرياضة، إذ أعاقت عمليات ترميم الملاعب، وتطوير الأندية والمنتخبات، وتأهيل البنى التحتية، واستضافة المباريات الدولية.
استعادة الأموال المجمدة
الأموال المجمدة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) هي جزء من سلسلة العقوبات الغربية المفروضة على بعض المؤسسات السورية في عهد النظام السابق. ولا توجد أرقام دقيقة عن حجم الأموال المجمدة، لكن المتداول أن قيمتها لدى “فيفا” تصل إلى 11.5 مليون دولار أمريكي، وهي أرقام غير رسمية.
عضو اللجنة الاستشارية في الاتحاد السوري لكرة القدم، إبراهيم ياسين، قال في تصريح سابق لعنب بلدي، إن أرقام الأموال المجمدة متضاربة بسبب عدم الاستقرار واستقالة الاتحاد السوري السابق، لكن العمل جارٍ على استعادتها.
وأضاف أن “فيفا” يعتمد عدة بنود، منها بند المشاريع وقيمتها 7 ملايين دولار أمريكي، وبند المصاريف التشغيلية وهي بقيمة 250 ألف دولار أمريكي، لافتًا إلى أن الأرقام لا تزال غير دقيقة.
وتوجد مخصصات من الأموال موجهة للعمل على بناء قواعد وفئات عمرية في كل الأندية، وإقامة دورات وتدريبات لتطوير الكوادر الرياضية، ودعم غرف الأندية بجميع متطلبات النجاح للنهوض بالكرة السورية والرياضة بشكل عام، وفق ياسين.
بدوره قال الصحفي الرياضي خالد الحماد، لعنب بلدي، إن الأموال المجمدة ليست ملكًا لوزارة الرياضة، بل تعود لاتحاد الكرة، وهو كيان مستقل لا يحق للوزارة التدخل فيه أو الحصول على أمواله.
فوائد بالجملة
تحدث الصحفي خالد الحماد أن مستقبلًا مشرقًا ينتظر الرياضة السورية عقب رفع العقوبات، فاتحاد الكرة يمكن له أن يستثمر الأموال المجمدة في تحسين واقع الرياضة، عبر إتاحة المجال لوصول الأموال بالقطع الأجنبي مجددًا لاتحاد الكرة، ومنحه الوصول لأرصدته التي تبلغ ملايين الدولارات.
كما سيكون بإمكان اتحاد الكرة العمل في ملف تطوير الملاعب أيضًا، رغم أن هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الرياضة، لكن بحال توافر الأموال في خزينة الاتحاد فيمكن التنسيق بين الطرفين.
رفع العقوبات سيساعد في جلب الاستثمارات للنهوض بالقطاع الرياضي، وفق الحماد، ما يساعد في تحقيق الكثير من الفوائد لصالح الرياضة السورية:
- رفع العقوبات سيتيح للأندية توقيع عقود رعاية مع شركات إقليمية ودولية، ما يوفر لها عوائد مالية ضخمة، تسهم في تحسين أوضاعها المالية، ورفع مستوى المنافسة محليًا وقاريًا.
- توقيع عقود شراكة مع مؤسسات متخصصة لتطوير الأكاديميات الرياضية وتحديث المنشآت بمعدات وتقنيات حديثة، واستيراد تجهيزات رياضية حديثة طال انتظارها، وهو ما سيسهم في رفع مستوى التدريب وتحسين الأداء الفني للرياضيين.
- تأهيل الملاعب من خلال إتاحة الفرصة للدول الراغبة بمساعدة سوريا، على صعيد تأهيل البنية التحتية الرياضية والملاعب.
- تطوير المسابقات المحلية ورفع قيمة مكافأة الفوز بلقب الدوري أو الكأس.
- استقدام كوادر عالية المستوى للمنتخبات، وخوض معسكرات خارجية للمنتخبات السورية، والحصول بشكل مباشر على أي أموال تنتج عن المشاركات الخارجية بدل تجميدها.
- مساعدة الأندية بالأموال لتتجاوز مصاعبها المادية.
- القدرة على التعاقد مع مدربين أجانب بمستوى عالٍ دون القلق فيما يخص انتظام رواتبهم.
فرصة ذهبية لتأهيل الملاعب
عانى اللاعبون في سوريا لعقود من الزمن من سوء الملاعب المحلية، في ظل عدم اهتمام حكومة النظام السوري السابق بتطويرها، بل اتجهت لتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومعتقلات، أو تعمّدت إهمالها لتصبح مراعي للمواشي.
حالة ملاعب الدوري السوري والصالات الرياضية كانت مثار جدل وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال السنوات الماضية، نظرًا إلى سوء الأرضيات في معظمها، بينما كان النظام السابق يتذرع بالعقوبات الغربية بأنها السبب وراء عدم صيانتها.
عقب سقوط النظام السوري، أبدت قطر استعدادها لترميم خمسة ملاعب في سوريا، وقال مسؤول الاستثمار والمنشآت في مديرية الرياضة والشباب بحلب، بلال دخان، إن هناك خطة لتأهيل وإعادة إعمار استاد “حلب الدولي” والصالة الكبيرة في حلب، بالتعاون مع مسؤولي الرياضة في قطر.
وأكد دخان، لعنب بلدي، أن الجانب القطري أبدى استعداده لترميم الملعب، لكن لم يتم توقيع أي مذكرة تفاهم رسمية بهذا الخصوص، مشيرًا إلى أن مديرية رياضة حلب تنتظر إعادة هيكلة وزارة الرياضة والشباب والمديريات التابعة لها، حتى تبدأ بشكل رسمي العمل على تطوير المنشآت الرياضية في حلب.
من جهته، قال الصحفي الرياضي منتصر اليوسف، إن العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا، كانت تمنع قطر أو أي دول أخرى من تحويل أموال إلى سوريا، لذلك أرسلت الحكومة القطرية إشعارًا إلى “فيفا” لإعلامها بالخطة التي وضعتها لترميم ملاعب في سوريا، مع تفاصيل المشروع والميزانية المطلوبة، ولكن مع رفع العقوبات أصبحت هناك فرصة ذهبية لتأهيل الملاعب.
تسهيل مهمة فك الحظر عن الملاعب
منذ أواخر عام 2011، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حظرًا على الملاعب في سوريا، ما أجبر المنتخبات والأندية في عهد النظام السوري السابق على لعب مبارياتها خارج أرضها، وعقب سقوط الأسد، بدأت وزارة الرياضة والشباب العمل على رفع هذا الحظر.
الحظر المفروض على الملاعب السورية أثر على حظوظ المنتخبات والأندية السورية في البطولات القارية والدولية، باعتبارها حُرمت من اللعب على أرضها وأمام جماهيرها، إذ اضطرت سوريا في عهد النظام السابق لاختيار دول منها ماليزيا والإمارات كأراضٍ افتراضية لخوض مبارياتها الدولية فيها.
ويرى الصحفي منتصر اليوسف أن رفع العقوبات يمكن أن يساعد بشكل كبير في رفع الحظر المفروض على الملاعب السورية، لكنه لا يكفي لوحده، بل هناك عوامل أخرى يجب أن تتحقق ليساعد في ذلك، إلى جانب رفع العقوبات.
وأضاف اليوسف أن فك الحظر عن الملاعب السورية يعتمد أيضًا على ضبط الواقع الأمني، وصيانة الملاعب والمنشآت الرياضة، إضافة لتطوير المطارات والطرق والفنادق ووسائل النقل.
ولفت اليوسف إلى أن رفع العقوبات سيسهم في البدء بمشروعات تطويرية للمنشآت الرياضية، والتي كانت تعاني من الإهمال ونقص التمويل طوال السنوات الماضية، وذلك بالتعاون مع شركات مختصة بالبنى التحتية الرياضية، والتي أصبح بمقدورها توقيع عقود صيانة للمنشآت الرياضية السورية بعد رفع العقوبات، دون أي عقبات.