الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 09:28 PM

سوريا: تحولات في المشهد الأمني والقانوني ودور الدولة في حماية حق التظاهر السلمي

سوريا: تحولات في المشهد الأمني والقانوني ودور الدولة في حماية حق التظاهر السلمي

شهدت مدينة حمص أحداثًا مؤسفة عقب جريمة القتل التي وقعت في بلدة زيدل، حيث عُثر على رجل وزوجته مقتولين في منزلهما. تبع ذلك تظاهرات في محافظات اللاذقية وطرطوس وبعض مناطق حمص وحماة، مطالبة بسيادة القانون والإفراج عن الموقوفين بعد التحرير، والتأكيد على حرمة الدم السوري.

في هذا السياق، برز مشهد جديد ولافت في المجتمع السوري، يتمثل في دور قوى الأمن وطريقتها في التعامل السريع والحازم مع الأحداث والتظاهرات، مع الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف. يأتي هذا في إطار سلوك أخلاقي وقيمي ومهني جديد، يخدم سياسة الحكومة القائمة على مبدأ أن مستقبل البلاد يحدده السوريون من خلال القانون، وأن الدولة هي مظلة الجميع مع احترام حق التظاهر السلمي.

يعتبر الخطاب السياسي الرسمي أداة مهمة تعكس توجهات الدولة ورؤيتها للمستقبل، خاصة في البلدان التي تواجه ظروفًا معقدة أو تحديات داخلية. في الحالة السورية، يرتكز الخطاب على ثلاثية أساسية: مستقبل سورية يقرره السوريون أنفسهم، وسيادة القانون بوصفه مظلة للجميع، واحترام حق التظاهر السلمي كجزء من الحياة السياسية. هذا الخطاب لا يعبر فقط عن توجه سياسي، بل يفتح أيضًا نقاشًا حول طبيعة العقد الاجتماعي وآليات إدارة الشأن العام.

مبدأ "مستقبل سورية يحدده السوريون" يضع المواطن في موقع الفاعل الأساسي، ويهدف إلى تكريس مفهوم السيادة الوطنية وإبعاد التدخلات الخارجية عن المعادلة السياسية. وقد تجلى ذلك في تعليق المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا على أحداث الساحل، حيث قال: "الجهات التي تروّج وتسوق للفوضى في مناطق الساحل كلها موجودة خارج البلاد ومنفصلة عن الواقع المعيشي لأهلنا في الساحل".

هذا الخطاب يعزز الشرعية الداخلية للدولة، باعتبارها الحامية لحق الشعب في تقرير مصيره. ويؤكد أن أي تدخل خارجي أو أوامر تصدر من الخارج لبعض الأطراف في الداخل السوري، هو بعيد عن النسيج الداخلي ويحمل مشاريع ضيقة لا تخدم مصلحة سورية. وقد أوضح البابا ذلك بقوله: "الجهات التي تروّج وتسوق للفوضى في مناطق الساحل كلها موجودة خارج البلاد ومنفصلة عن الواقع المعيشي لأهلنا في الساحل".

مبدأ سيادة القانون يحتل مكانة مركزية في الخطاب، حيث يشير إلى أن الضمان الوحيد لعدالة العلاقة بين الدولة والمجتمع هو تطبيق القانون بشكل متساوٍ على الجميع. هذا المبدأ يزرع الطمأنينة في نفوس المواطنين ويؤكد على الاستقرار المؤسسي والابتعاد عن الأساليب الاستثنائية في إدارة الأزمات. وقد تجسدت قوة هذا المبدأ في تواجد القوى الأمنية في مكان الأحداث، ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع بهدف فرض الأمن والأمان وقمع أي انتهاك أو تعد على الممتلكات العامة والخاصة.

أما احترام حق التظاهر السلمي فهو مؤشر على انفتاح سياسي جديد يعترف بالحقوق المدنية ويفتح المجال أمام مشاركة المجتمع في التعبير عن مطالبه. ويُعد هذا التحول أحد أهم المكتسبات في الحياة السورية الجديدة، حيث بات بإمكان المواطنين الاحتجاج أو الاعتصام بطريقة سلمية وتحت سقف القانون، مما يجعل الحلول السياسية أقل تكلفة من الحلول الأمنية ويعزز ثقافة الحوار بدلاً من الصدام.

مشاركة المقال: