نقلت وكالة "الأناضول" التركية عن مصادر في الخارجية التركية أن جوهر سياسة أنقرة تجاه سوريا يرتكز على تحقيق المصالحة الوطنية من خلال الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي البلاد، وتأمين الاستقرار عبر تطهيرها من العناصر الإرهابية، وضمان إعادة إعمار سوريا عن طريق رفع العقوبات.
وأكدت تركيا أنها ستواصل تقديم دعمها الكامل لسوريا في مختلف المجالات التي تحتاجها في المرحلة الراهنة، وذلك في إطار الاتفاقيات المتبادلة بين البلدين. وكانت مصادر في وزارة الخارجية التركية قد أشارت إلى أهمية دعم الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية للاندماج في المجتمع الإقليمي والدولي، وجهودها لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في البلاد.
وأضافت المصادر أن سبيل إنقاذ سوريا والمنطقة من خطر عدم الاستقرار يكمن في تقديم المزيد من الدعم وتعزيز التواصل، بما في ذلك رفع العقوبات المفروضة على البلاد. وفي هذا السياق، أوضحت وزارة الخارجية التركية أن الجهود المبذولة لرفع العقوبات مستمرة من خلال الاتصالات والاجتماعات التي تشمل الشركاء الرئيسيين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ودعم المزيد من التواصل بين المجتمع الدولي والحكومة السورية.
الدور الروسي وملف العقوبات الغربية:
أكدت روسيا من جهتها، على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشيرةً إلى تأثيرها السلبي على حياة المواطنين العاديين. وتساءل نيبينزيا عن مدى التزام ما يُسمى بالمانحين التقليديين بمبادئ الإنسانية والحياد فيما يتعلق بالملف الإنساني السوري، أم أنهم سيستمرون في ممارسة خنق الشعب السوري بالعقوبات. وشدد على أن رفع العقوبات أمر ضروري لأنه يضر بالمدنيين، مؤكداً استمرار روسيا في تقديم المساعدة للشعب السوري.
وفي وقت سابق من هذا العام، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا ستواصل الإصرار على رفع كافة العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل ودون أي شروط، موضحاً أن هذه العقوبات لم تضر بالرئيس بشار الأسد وحكومته، بل أضرت بالشعب السوري، وأنها مستمرة في إلحاق الضرر به حتى في ظل حكومة يعتبرها الغرب أكثر قبولاً من الحكومة السابقة. وأكد لافروف أن روسيا ستطرح هذه المسألة وستسعى لرفع هذه العقوبات الأحادية الجانب دون أي شروط.
وفي الوقت نفسه، أشار لافروف إلى أن أوروبا سمحت بتخفيف القيود على سوريا فقط بشرط أن "تطرد" سوريا الاتحاد الروسي من أراضيها. ودعا الرئيس السوري بدوره، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات، مذكراً بأنها فرضت ضد النظام السابق. وأشار أيضاً إلى أن سوريا تجري مفاوضات للتعاون مع دول أخرى، بما في ذلك روسيا.
وصرح رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، بأنه يجب على الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات عن سوريا لأن نظام رئيس الدولة السابق بشار الأسد، الذي أدت أفعاله إلى هذه العقوبات، قد سقط بالفعل. وأشار الشرع إلى التأثير الضار للعقوبات على الاقتصاد السوري، بما في ذلك خلال حكم بشار الأسد، موضحاً أن قطاعات بأكملها قد دمرت فعلياً، مثل القطاع الزراعي والاقتصادي والمالي والخدمي والسياحي.
وأضاف الرئيس السوري أن حكومته تتفاوض بشأن التعاون مع تركيا وروسيا، مشيراً إلى الوجود العسكري لكلا البلدين في سوريا. وفي آذار الماضي، حددت الولايات المتحدة ثمانية مطالب يجب تلبيتها قبل رفع العقوبات عن دمشق، بحسب ما قاله مسؤولان مطلعان على الأمر للصحيفة. وتشمل هذه القضايا تدمير كل مخزونات الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا والتعاون في مكافحة "الإرهاب".
وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها أيضاً إلى طرد المرتزقة الأجانب الذين خدموا في جيش المتمردين التابع للشرعة، والذين حصلوا في بعض الحالات على مناصب في الحكومة الجديدة. وقال الشرع إن بعض الشروط "تحتاج إلى مناقشتها أو تغييرها"، ورفض الكشف عن التفاصيل.
وتستمر الحكومات الغربية بفرض عقوبات على سوريا دون أي سبب يدعو لذلك، على الرغم من اعتراف معظم هذه الدول بشرعية الحكومة والإدارة الجديدة، إلا أنها ترى أن هناك بعض المخالفات التي تستدعي إبقاء العقوبات وعدم رفعها، وبنفس الوقت تغض هذه الحكومات النظر على التصرفات الإسرائيلية في الأراضي السورية والمنطقة ككل، ما يؤكد على ازدواجية المعايير في السياسات التي تتبعها هذه الدول في التعامل مع دول المنطقة وانحيازها الكامل لأجندات معينة لا تمت بصلة بالتصريحات التي تخرج عن مسؤوليها خصوصاً بما يخص حقوق الإنسان.
مركز المستقبل للدراسات