الأحد, 5 أكتوبر 2025 02:57 PM

سوريا تشهد تشكيل أول برلمان بعد الإطاحة بالأسد وسط انتقادات لآلية الاختيار

سوريا تشهد تشكيل أول برلمان بعد الإطاحة بالأسد وسط انتقادات لآلية الاختيار

تستعد السلطة الانتقالية في سوريا اليوم لتشكيل أول برلمان بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، في خطوة تأتي وسط انتقادات للآلية المعتمدة التي تمنح الرئيس أحمد الشرع صلاحية تعيين ثلث أعضاء المجلس، بالإضافة إلى استبعاد تمثيل ثلاث محافظات لأسباب وصفت بـ "الأمنية".

وكان الشرع قد اتخذ سلسلة من الإجراءات لإدارة المرحلة الانتقالية عقب الإطاحة بالأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، وشملت هذه الإجراءات حلّ مجلس الشعب وتوقيع إعلان دستوري حدد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ونص على آلية لاختيار مجلس يمارس صلاحياته إلى حين وضع دستور دائم للبلاد وإجراء انتخابات على أساسه.

وسيتم تشكيل البرلمان، الذي ستكون ولايته ثلاثين شهراً قابلة للتجديد، وفقاً لآلية حددها الإعلان الدستوري، وليس عبر انتخابات مباشرة من الشعب. وبموجب هذه الآلية، تنتخب هيئات مناطقية شكلتها لجنة عليا عين الشرع أعضاءها، ثلثي أعضاء المجلس البالغ عددهم 210، على أن يعين الرئيس الثلث الباقي.

ويتنافس 1578 مرشحاً، 14 في المئة منهم فقط نساء، وفقاً للجنة العليا للانتخابات، للفوز بمقاعد المجلس. ومن بين هؤلاء المرشحين السوري الأميركي هنري حمرا، نجل آخر حاخام غادر سوريا في التسعينات، والذي يعتبر أول مرشح للطائفة اليهودية منذ قرابة سبعة عقود.

ويوجه سوريون انتقادات صريحة لعملية تشكيل البرلمان الجديد. ويقول لؤي العرفي (77 عاماً)، وهو متقاعد من وزارة العدل: "أنا مؤيد للنظام الحالي ومستعد للدفاع عنه، لكن هذه الانتخابات ليست بانتخابات". ويضيف، وهو جالس مع أصدقاء في مقهى الروضة وسط دمشق: "هي من ضرورات المرحلة الانتقالية، لكننا نريد انتخابات مباشرة بعد انتهاء هذه المرحلة".

وبرر الشرع، الذي يعمل على تكريس سلطته الأمنية والسياسية في عموم البلاد، اعتماد آلية الانتخاب غير المباشر، قائلاً: "نحن في مرحلة انتقالية، ولسنا في وضع يسمح بإجراء انتخابات عامة مباشرة". وأضاف: "هذه خطوة موقتة إلى أن تتوافر البيئة الأمنية والسياسية لإجراء انتخابات مباشرة يشارك فيها كل السوريين"، وهو أمر غير ممكن حالياً بسبب "ضياع الوثائق" ووجود العديد من السوريين خارج البلاد بدون وثائق.

وانتقد حقوقيون صلاحيات الشرع في تشكيل مجلس الشعب الذي سيضطلع بمهمات واسعة تشمل اقتراح القوانين وتعديلها، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة. وقالت 14 منظمة سورية في بيان مشترك منتصف أيلول/سبتمبر إن الآلية تمكن الرئيس من "تشكيل أغلبية برلمانية من أشخاص يختارهم بنفسه أو يضمن ولاءهم، ما قد يحوّل المجلس إلى هيئة ذات لون سياسي واحد ويقوّض مبدأ التعددية". واعتبرت أن مجمل الترتيبات المتبعة تجعل "الانتخابات شكلية".

وقال بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، ومقرها باريس: "يمكن أن نسمي هذه العملية أي شيء إلا انتخابات، هي تعيين". وتوقع تشكيل برلمان "الغالبية الساحقة فيه من لون سياسي واحد".

على هامش اجتماع عقدته أخيراً لجنة انتخابات دمشق في المكتبة الوطنية، أقرت المرشحة المهندسة ميساء حلواني (48 عاماً) بوجود ثغرات وانتقادات، معتبرة أن "الحكومة جديدة على السلطة، ونحن أيضاً جدد على الحرية".

وتثير آلية تشكيل المجلس انتقادات، خصوصاً في شمال شرق البلاد حيث مناطق نفوذ الإدارة الذاتية الكردية المتباينة مع سلطات دمشق إزاء تقاسم الصلاحيات ودمج المؤسسات. كذلك الحال في محافظة السويداء (جنوب)، معقل الأقلية الدرزية، والتي شهدت أعمال عنف في تموز/ يوليو أودت بأكثر من 1600 قتيل، القسم الأكبر منهم دروز، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في آب/أغسطس تأجيل اختيار أعضاء المجلس في محافظات السويداء والرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) بسبب "التحديات الأمنية". وفي أيلول/سبتمبر، شكلت لجان انتخاب فرعية في بعض مناطق الرقة والحسكة، الواقعة تحت سيطرتها.

ويشترط نظام الانتخاب الموقت ألا يكون المرشح "من مؤيدي النظام السابق أو داع للتقسيم أو الانفصال". وتحمل السلطة الانتقالية على الإدارة الكردية مطالبتها بلامركزية موسعة، وعلى مطالبة مرجع درزي في السويداء بتدخل اسرائيل لحماية الطائفة، بعدما أحدثت أعمال العنف شرخاً كبيراً مع دمشق.

ويقول الناشط الدرزي برهان عزام: "عمدت السلطة الحالية إلى انهاء الحياة السياسية واجتثاثها"، معتبراً أنّ إجراءات "تعيين مجلس الشعب لم تراع الحدود الدنيا من الديموقراطية".

وفي مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، يعتبر المدرّس الكردي نيشان إسماعيل (40 عاماً) أن "الانتخابات كان يمكن أن تشكل بداية سياسية جديدة في سوريا بعد سقوط النظام السابق". ويضيف: "لكن تهميش العديد من المناطق يدل على فقدان أدنى معايير المشاركة السياسية في سوريا" الجديدة.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: