تجري تركيا وإسرائيل جولة محادثات جديدة في أذربيجان، وسط محاولات أنقرة لتوسيع نفوذها العسكري في سوريا ورفض إسرائيل لهذا التحرك. تصر تل أبيب على استثمار ملف الدروز بهدف تقسيم سوريا إلى فيدراليات ضعيفة يسهل السيطرة عليها. في هذا السياق، يسعى الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، إلى تغيير الوضع الراهن من خلال فتح قنوات اتصال مباشرة مع إسرائيل وتقديم مشروع للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارته المرتقبة إلى الإمارات وقطر والسعودية، وسط توقعات بلقاء محتمل بوساطة سعودية.
استبقت وزارة الدفاع التركية محادثات باكو بإدانة متأخرة للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، معتبرة أنها تزعزع الاستقرار، وأكدت استمرار التنسيق مع جميع الأطراف لتنفيذ العمليات الميدانية بأمان بناءً على طلب الحكومة السورية الجديدة. تهدف تركيا إلى إقامة قواعد عسكرية وسط سوريا، بينما تشترط إسرائيل ضمان عدم وجود أي تهديد لأمنها قرب الحدود السورية والتأكد من خلو سوريا من الأسلحة الاستراتيجية.
تتركز الشروط الإسرائيلية على منع وجود أسلحة دفاع جوي تعيق تحركات الطائرات الإسرائيلية في سوريا، بعد تدمير تل أبيب للقدرات العسكرية السورية بشكل شبه كامل بعد سقوط نظام بشار الأسد. كما فرضت إسرائيل منطقة منزوعة السلاح في الجنوب تمتد حتى حدود دمشق، بالإضافة إلى المنطقة المنزوعة السلاح المتفق عليها بعد حرب تشرين 1973.
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن زيارة سرية لوفد سوري إلى إسرائيل في نيسان الماضي بوساطة إماراتية لفتح قنوات اتصال بين حكومة الشرع وتل أبيب. تأتي هذه الزيارة بعد تقارير عن لقاءات في الإمارات تهدف إلى بناء علاقة بين سوريا وإسرائيل، وهو ما أكده الشرع خلال مؤتمره الصحفي مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الوفد ضم مسؤولين من محافظة القنيطرة وشخصية رفيعة في مجال الدفاع، وأجرى اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
أوضحت الصحيفة أن الزيارة تزامنت مع زيارة وفد ديني من الدروز السوريين إلى مقام النبي شعيب في شمال فلسطين المحتلة، بهدف توثيق العلاقة بين الدروز وإسرائيل وتعزيز صورة إسرائيل كحامية لهم.
بالإضافة إلى التواصل مع إسرائيل، يسعى الشرع لاستغلال زيارة ترامب إلى الخليج لتقديم عرض يسمح للشركات الأميركية بالحصول على نصيب كبير من مشاريع الاستثمار في سوريا، بعد دعوة حكومته لشركات أميركية، بما في ذلك شركات الطاقة، لزيارة سوريا واستكشاف الفرص الاستثمارية.
تفيد وسائل الإعلام الأميركية بأن الشرع سيحاول إقناع ترامب بأفضلية الشركات الأميركية على الصينية. ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الشرع يسعى لتنفيذ خطة إعادة إعمار على غرار «مشروع مارشال»، ويحاول عقد لقاء مع ترامب لمناقشة هذه الخطة.
يأتي هذا بعد زيارة المستثمر الجمهوري جوناثان باص إلى دمشق، حيث قدم خطة لتطوير الموارد الطاقية السورية بشراكة مع الشركات الغربية وشركة نفط سورية جديدة. رحب الشرع بهذه الخطة، وفقًا لباص ومعز مصطفى، رئيس «المنظمة السورية للطوارئ».
إذا نجح الشرع في إقناع ترامب بأهمية الخطة، فقد يفرض ذلك ظروفًا جديدة على الملف السوري ويخفف الضغوط الإسرائيلية. ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه الخطوات على شروط تطلبها واشنطن، مثل إنهاء ملف المقاتلين الأجانب، وهو ما يصر الشرع على رفضه، مما يضعه أمام خيارين صعبين: التمسك بهم وخسارة واشنطن، أو التخلي عنهم والانفتاح على الولايات المتحدة. يحاول الشرع تجنب هذين الخيارين من خلال تقديم بدائل وضمانات بعدم تشكيل هؤلاء المقاتلين أي خطر على الجوار، وخاصة إسرائيل.