كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها عن انتشار ظاهرة البحث عن الكنوز والآثار بين السوريين بعد فترة حكم النظام. يسعى الكثيرون للعثور على الثروات المدفونة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها في بلد مزقته الحرب والفقر.
وفقًا للتقرير، لاحظ سكان دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ظاهرة غريبة في شوارع المدينة ليلاً. تتمثل هذه الظاهرة في ظهور أشخاص مجهولين يحملون أجهزة كشف المعادن التي تومض أضواؤها في الظلام. كما بدأت هذه الظاهرة بالانتشار في الأرياف، حيث يتوافد الرجال إلى الأراضي الزراعية حاملين مجارف وخرائط يزعمون أنها تكشف مواقع الكنوز المدفونة.
وقال أبو وائل، وهو "صياد كنوز محترف" يبلغ من العمر 67 عامًا، إنه خلال فترة حكم النظام السابق، كان من المستحيل الخروج للبحث عن الكنوز في الليالي المظلمة بسبب خطر الاعتقال. وأضاف أن الوضع اختلف الآن، حيث أصبحت عملية شراء أجهزة كشف المعادن متاحة في الأسواق، مع فتح العديد من المتاجر في دمشق هذا العام لبيع هذه الأجهزة، التي يمكن أن يصل سعر بعضها إلى 10 آلاف دولار.
يعكس انتشار هذه الظاهرة جزئياً التاريخ الغني لسوريا، حيث يتداول السوريون عبر الأجيال العديد من الأساطير حول الكنوز المدفونة، والذهب القديم، والقطع الأثرية الثمينة التي تركتها حضارات سابقة أو حتى المسافرين على طريق الحرير.
أشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الأنشطة كانت محظورة في ظل حكم الأسد تحت ذريعة حماية المواقع الأثرية، وكان من يجرؤ على الحفر يقوم بذلك بسرية تامة. ومع بداية الفراغ الأمني بعد سقوط النظام، بدأ السوريون، الذين يعاني 90% منهم من الفقر وفقًا للأمم المتحدة، بالتوجه إلى المواقع الأثرية والمنازل القديمة بحثًا عن الكنوز والآثار، وبدأوا بالحفر في حدائق المنازل وهدم الجدران أملاً في العثور على ثروات مدفونة.
على الرغم من أن المتاحف السورية تفتخر بوجود مئات الآلاف من القطع الأثرية، مثل التماثيل اليونانية والجداريات التي تعود للقرن الثاني، إلا أنه يُقال إن حوالي 300 ألف قطعة أُخفيت في أماكن سرية خلال سنوات الحرب، وبعضها عرض في المتحف الوطني السوري عام 2018 بعد تهدئة الأوضاع. لكن العدد الحقيقي للقطع الأثرية المسروقة أو المدمرة خلال الحرب ما زال مجهولًا، في وقت تشير فيه التقارير إلى أن العديد من القطع الثمينة، مثل التيجان الذهبية والصلبان والعملات، تم تهريبها عبر تركيا إلى منازل أثرياء حول العالم.
إرم نيوز