الأحد, 20 أبريل 2025 04:46 AM

سوريا على حافة كارثة: نقص حاد في أدوية السرطان يهدد حياة الآلاف

سوريا على حافة كارثة: نقص حاد في أدوية السرطان يهدد حياة الآلاف

حذّر الدكتور كرم ججي، رئيس دائرة التحكم بالسرطان في وزارة الصحة السورية، من كارثة إنسانية وشيكة بسبب النقص الحاد في أدوية السرطان، مؤكدًا أن المتوفر حاليًا لا يتجاوز 20% من الاحتياجات الفعلية. وأشار في تصريحات صحفية إلى تسجيل 17,500 حالة جديدة سنويًا، من بينها 1,500 حالة لأطفال، محذرًا من تدهور الأوضاع بشكل خطير ما لم يتم التحرك بشكل عاجل.

في ظل الأوضاع الإنسانية والصحية المتردية في سوريا، يتزايد قلق مرضى السرطان بسبب النقص الحاد في الأدوية الضرورية لعلاجهم. هذا النقص، الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، يهدد حياة الآلاف الذين يعتمدون على هذه الأدوية للبقاء على قيد الحياة، وسط تحذيرات متزايدة من كارثة إنسانية وشيكة.

الأزمة الحالية: نقص الأدوية بنسبة 80%

في نهاية شهر آذار/مارس الماضي، أطلقت وزارة الصحة السورية نداء استغاثة عاجلًا خلال مؤتمر صحفي تحت عنوان: "نداء إنساني عاجل: أزمة حادة في توافر أدوية السرطان في سوريا وتأثيرها على مرضى الأورام". وأكد الدكتور زهير قراط، مدير التخطيط والتعاون الدولي في الوزارة، أن نقص الأدوية السرطانية يمثل تحديًا صحيًا وإنسانيًا غير مسبوق، حيث لا يتوفر حاليًا سوى حوالي 20% من الأدوية المطلوبة. هذا النقص يؤثر بشكل كارثي في حياة آلاف المرضى وعائلاتهم، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا وهشاشة.

وأوضح الدكتور كرم ججي أن الوضع الحالي ينذر بقرب حدوث كارثة إنسانية، إذ إن نقص الأدوية قد يؤدي إلى تفاقم حالات المرضى، مما يجعل من الصعب السيطرة على المرض أو حتى توفير الرعاية اللازمة لهم.

واقع مرضى السرطان في سوريا

وفقًا لإحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة السورية، يبلغ عدد مرضى السرطان البالغين في مناطق سيطرة الحكومة حوالي 14 ألف مريض. وفي شمال غربي سوريا، سجلت مديرية الصحة في إدلب نحو 6,000 مريض بالسرطان، منهم حوالي 3,100 في منطقة إدلب وحدها. ولا يشمل هذا الرقم الحالات الجديدة التي يتم تسجيلها سنويًا، حيث يُقدَّر أن هناك حوالي 17,500 حالة جديدة سنويًا، من بينها 1,500 حالة لأورام الأطفال.

خطة وزارة الصحة لمواجهة الأزمة

في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، تعمل وزارة الصحة السورية على عدة محاور استراتيجية تهدف إلى تأمين الأدوية الضرورية وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لمرضى السرطان.

ومن أبرز هذه المحاور، حسب ججي:

  • تأمين الأدوية عبر المناقصات والشراء المباشر: تعمل الوزارة على تأمين الأدوية من خلال إجراء مناقصات دولية وعمليات شراء مباشرة من الشركات المنتجة. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والتي تؤثر في قدرة الوزارة على استيراد الأدوية.
  • تسهيل إنشاء معامل وطنية لإنتاج الأدوية: حاليًا، يوجد في سوريا معمل واحد فقط لإنتاج أدوية السرطان، وهو "كيور فارما"، الذي ينتج ثمانية أصناف فقط من الأدوية. وتعمل الوزارة على تطوير خطة إنتاجية تهدف إلى زيادة عدد الأصناف المنتجة محليًا وتوفير بدائل محلية للأدوية المستوردة.
  • مخاطبة المنظمات الدولية والأهلية: أطلقت الوزارة نداءً إنسانيًا عاجلًا وجهته إلى كافة المنظمات الدولية والمحلية، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، لطلب المساعدة في توفير الأدوية اللازمة. كما تم التواصل مع المنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا لتأمين الدعم المادي والتقني.
  • التعاون مع الجهات المانحة: أكدت الوزارة استعدادها للتعاون مع أي جهة تسعى إلى تأمين الأدوية، سواء كانت دولية أو محلية، ضمن شروط صحية تضمن جودة الأدوية وسلامتها.

تحديات ومخاوف مستقبلية

ورغم الجهود المبذولة، فإن التحديات التي تواجه وزارة الصحة لا تزال كبيرة. فبالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي تعيق استيراد الأدوية، تعاني البلاد من ضعف البنية التحتية الصحية ونقص التمويل اللازم لتطوير القطاع الصحي. وفي ظل نقص الأدوية، الذي بلغ نسبة 80%، يتخوف الخبراء من أن يستمر الوضع في التدهور، مما قد يؤدي إلى فقدان الآلاف من المرضى حياتهم. كما أن غياب الأدوية المجانية يضع عبئًا كبيرًا على المرضى وأسرهم، خاصةً على أولئك الذين يحتاجون إلى جرعات طويلة الأمد تفوق أثمانها قدراتهم المادية.

يُذكر أنه في ختام المؤتمر الصحفي، دعت وزارة الصحة كافة الجهات المعنية إلى التحرك الفوري لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، وأكدت أن الوقت ليس في صالح المرضى، وأن كل يوم يمر دون توفير الأدوية يعني فقدان المزيد من الأرواح. وفي ظل هذه الظروف القاسية، يبقى مرضى السرطان في سوريا ينتظرون بصبر وأمل أن تترجم هذه الخطط إلى أفعال ملموسة تنقذ حياتهم، ويظل المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمدى التزامه بمبادئ الإنسانية والتضامن مع الشعوب المتأثرة بالأزمات.

مشاركة المقال: