السبت, 20 سبتمبر 2025 07:25 PM

سوق مدحت باشا بدمشق: رحلة عبر الزمن في قلب التجارة والحضارة

سوق مدحت باشا بدمشق: رحلة عبر الزمن في قلب التجارة والحضارة

في دمشق، المدينة التي تعبق شوارعها بفنون العمارة العريقة وحضارة أقدم عاصمة مأهولة، يتربع سوق مدحت باشا شامخاً على امتداد يزيد عن 1500 متر. يفوح من أزقته المتعرجة والضيقة عبق التاريخ ممزوجاً بالحداثة التجارية، مانحاً المنطقة حيوية يومية لا تنضب بفضل سكانها وزوارها من داخل سوريا وخارجها.

العم عبد الفتاح قباني، يترجم عشقه لدمشق بالحديث عن إعجابه بسوق مدحت باشا، الذي يجسد في أحجاره فنوناً معمارية متنوعة شهدتها دمشق منذ العصر الروماني، مروراً بالعهد الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني. كان السوق محطة للقوافل التجارية القادمة إلى دمشق من مختلف الدول العربية، كما صرح لـ سانا.

يتراوح عمر السوق بين 400 و 600 عام، وفقاً لما ذكره ماهر المسكي، أحد سكان المنطقة. فسوق مدحت باشا يعتبر وجهة مفضلة للكثيرين، سواء للتسوق أو للاستمتاع بجمال تصميمه القديم وقناطره التراثية ومحلاته الصغيرة التي تتراوح مساحتها بين 8 و 20 متراً مربعاً، والمصطفة على جانبيه.

وأضاف المسكي لمراسلة سانا: "إن سوق مدحت باشا، المعروف أيضاً بالسوق الطويل أو الشارع المستقيم، لا يزال نابضاً بالحياة ويحتضن إرثاً تاريخياً غنياً على الرغم من التحديات التي يواجهها. إنه رمز للعراقة والتاريخ ونافذة حيوية للثقافة والتجارة في دمشق. يضم السوق مجموعة من الحرفيين الذين يحافظون على صناعة وبيع المنتجات الدمشقية التقليدية والمنتجات اليدوية كالسجاد والنحاسيات والأواني القديمة والعطارة، بالإضافة إلى محلات تبيع المنتجات التجارية الحديثة والمأكولات الشعبية المشهورة في دمشق".

تحمل تفرعات السوق الجانبية أسماءً مختلفة، تعكس طبيعة المحلات التجارية الموجودة فيها، مثل سوق الحرير وسوق الصوف والخياطين والبزورية. كما أن امتداد الشارع المستقيم لسوق مدحت باشا يتفرع عنه مداخل إلى حي الأمين وحي القيمرية وإلى عدد من الأماكن الأثرية والدينية، وينتهي بالمعلم الأثري المعروف في باب شرقي، بقايا قوس النصر الروماني.

يعود سبب تسمية السوق إلى اهتمام العديد من المسؤولين به على مر العصور، حيث كان يخضع للتأهيل أو الإضافة في كل فترة زمنية. وقد قام الوالي العثماني مدحت باشا بتجديده بالكامل في عام 1879، وتم إصلاح وتحسين بنيته التحتية ليصبح سوقاً رديفاً لسوق الحميدية، ومن هنا اكتسب السوق اسمه. كما ساهم والي الشام عام 1905 حسين ناظم باشا، بتبديل سقف السوق الخشبي إلى غطاء من الحديد منعاً للحرائق، فكان السوق عبارة عن جزأين، أحدهما مسقوف والآخر مكشوف يمتد حتى منطقة باب شرقي.

ومع التطورات اللاحقة، حافظ السوق على اسمه ومكانته كمعلم سياحي ومركز تسوق مشهور، وشهد العديد من أعمال الترميم لتنظيم السوق ومحلاته التجارية.

سوق مدحت باشا، أحد أسواق دمشق العريقة والتاريخية، لا يزال حتى اليوم مقصداً لكل زائر جديد لدمشق، ومركزاً لتلبية احتياجات العائلة من الأقمشة والمشغولات اليدوية والتوابل والعطورات والأعشاب والتحف والهدايا والصناعات المحلية التي تعيد لك ذكريات الشام وحواريها كلما مررت به.

أخبار سوريا الوطن١-سانا

مشاركة المقال: