الإثنين, 17 نوفمبر 2025 03:03 PM

شركات عالمية تتفاوض لتزويد سوريا بتوربينات غازية: هل يعيق انخفاض أسعار النفط خطط إعادة الإعمار؟

شركات عالمية تتفاوض لتزويد سوريا بتوربينات غازية: هل يعيق انخفاض أسعار النفط خطط إعادة الإعمار؟

كشفت وكالة "رويترز" عن دخول شركتي GE Vernova الأميركية و Siemens Energy الألمانية في محادثات لتزويد سوريا بتوربينات غازية، وذلك ضمن مشروع واسع النطاق يهدف إلى إعادة إعمار قطاع الطاقة في البلاد بعد أكثر من 14 عامًا من الحرب.

يأتي هذا التحرك بعد توقيع سوريا في شهر أيار/مايو الماضي اتفاقًا مع شركة تابعة لـ "باور إنترناشونال القابضة" القطرية، يقضي ببناء أربع محطات كهرباء تعمل بتقنية الدورة المركبة بقدرة إجمالية تبلغ 4000 ميغاواط، بالإضافة إلى مكوّن شمسي بقدرة 1000 ميغاواط. وتُعد هذه الخطوة الأكبر في مسار إعادة بناء شبكة الكهرباء السورية المنهارة.

من جهة أخرى، قد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تقليل كلفة توليد الطاقة في المنطقة بشكل عام، مما يجعل الوقود الأحفوري أكثر تنافسية مقارنة بالطاقة المتجددة. وهذا بدوره قد يدفع الحكومة السورية إلى التركيز بشكل أكبر على المحطات الغازية بدلًا من التوسع السريع في الطاقة الشمسية، لأن تشغيل التوربينات سيكون أقل كلفة في ظل أسعار الطاقة المنخفضة.

وهناك تأثير إيجابي آخر محتمل، حيث أن انخفاض أسعار النفط قد يخفف الضغط المالي على الدول المستوردة للطاقة مثل سوريا، مما يتيح مساحة أوسع لتخصيص التمويل لإعادة الإعمار ومشاريع البنية التحتية. وقد ترى قطر، الشريك الرئيسي في المشروع، في انخفاض أسعار النفط فرصة لتعزيز استثماراتها الإقليمية وتنويع مصادر دخلها بعيدًا عن النفط الخام.

بالإضافة إلى ذلك، فإن شركات مثل GE Vernova و Siemens Energy لا تعتمد فقط على مشاريع الطاقة المرتبطة بأسعار النفط، بل تراهن على تحول الطاقة العالمي نحو الغاز والطاقة المتجددة كبدائل أنظف وأكثر استدامة. لذلك، من المتوقع ألا يوقف انخفاض أسعار النفط المشروع، بل قد يدعم التوجه نحو مزيج طاقة أكثر تنوعًا يجمع بين الغاز والطاقة الشمسية كما هو مخطط له في الاتفاق السوري-القطري.

باختصار، تراجع أسعار النفط لن يشكل تهديدًا مباشرًا للمشروع، لكنه قد يغير في ترتيب الأولويات وتوقيت التنفيذ. الأثر الأكبر سيظهر في هيكل التمويل وفي مدى استعداد المستثمرين الدوليين لتحمل أخطار بيئة ما بعد الحرب. أما من منظور استراتيجي، فالمشروع يظل محوريًا لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة في سوريا، بغض النظر عن اتجاه أسعار النفط على المدى القصير.

يأتي هذا التطور في ظل تخفيف العقوبات الأميركية أخيرًا على دمشق، مما يفتح الباب أمام شركات غربية للعودة إلى السوق السورية بعد عزلة طويلة. ومن المتوقع أن تمثل هذه الخطوة تحولًا مهمًا في مسار العلاقات الاقتصادية بين سوريا والغرب، وخاصة مع دخول شركتين بحجم GE و Siemens إلى مفاوضات بهذا المستوى لتوريد التوربينات الغازية اللازمة للمشروع القطري – السوري المشترك.

وبحسب المعطيات، لا تزال المحادثات في مراحلها الأولية ولم يتم توقيع أي عقود بعد، لكن التوجه العام يعكس رغبة جادة في المضي نحو إعادة تأهيل شبكة الكهرباء وتحسين إنتاج الطاقة في البلاد. وتشير التقديرات إلى أن سوريا بحاجة إلى أكثر من 5 آلاف ميغاواط إضافية لتغطية الطلب المحلي وإعادة إنعاش النشاط الصناعي والخدمي، وخاصة بعد سنوات من الانقطاع المتكرر وضعف الإمدادات.

المشروع، في حال تنفيذه، لن يقتصر على توريد التوربينات، بل سيشمل بناء محطات جديدة وتحديث البنية التحتية للنقل والتوزيع، وهو ما يتطلب تمويلًا كبيرًا وتعاونًا إقليميًا واسعًا. وتعد قطر أحد أبرز الداعمين لهذا المسار عبر شراكات استثمارية تتماشى مع جهودها لتعزيز حضورها في مشاريع إعادة الإعمار الإقليمي. وعلى الرغم من التفاؤل الذي يرافق هذه التطورات، لا تزال التحديات قائمة، سواء من ناحية الاستقرار السياسي والأمني داخل سوريا، أو من حيث الضمانات القانونية للمستثمرين الأجانب. فحتى مع تخفيف العقوبات، تبقى البيئة الاقتصادية السورية بحاجة إلى إصلاحات عميقة وضمانات للتمويل والحماية القانونية.

إذا نجحت هذه المفاوضات، فستكون خطوة رمزية كبيرة في إعادة دمج سوريا تدريجيًا في الاقتصاد الدولي، وتفتح الباب أمام مشاريع أخرى في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة. وستعزز هذه الخطوة من مكانة GE Vernova و Siemens Energy كشركتين محوريتين في جهود إعادة بناء الطاقة في الشرق الأوسط.

* نور البيطار محللة أسواق مالية تعمل في شركة ACY Securities Mena

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: