الجمعة, 25 أبريل 2025 07:32 PM

صراع ترامب والفيدرالي: هل تتأثر استقلالية البنك المركزي والاقتصاد الأمريكي؟

صراع ترامب والفيدرالي: هل تتأثر استقلالية البنك المركزي والاقتصاد الأمريكي؟

وسط تقلبات الأسواق العالمية، يواجه مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي ضغوطاً سياسية غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وجّه انتقادات حادة الى رئيس المجلس جيروم باول لرفضه خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، متهماً إياه بعرقلة النمو الاقتصادي الأميركي، خصوصاً في ظل التوترات التجارية العالمية.

هذا الصدام أثار مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي، وهي من الركائز الأساسية للاقتصاد الأميركي. وقد حذر عدد من مسؤولي "الفيديرالي"، أبرزهم أوستن غولسبي، من التدخل السياسي، في حين شدد باول على أن استقلالية البنك "مسألة قانونية" وأنه لن يغادر منصبه قبل انتهاء ولايته.

في المقابل، لمّح ترامب إلى إمكان إقالة باول، وهو ما أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين، وانخفاض الدولار إلى أدنى مستوياته منذ سنوات، وارتفاع قياسي في أسعار الذهب، باعتباره ملاذاً آمناً. كما شهدت مؤشرات "وول ستريت" تراجعات حادة، تعبيراً عن قلق الأسواق من تسييس السياسة النقدية.

في هذا الإطار، يوضّح خالد الخطيب، محلل الأسواق في EasyMarkets في حديث الى "النهار"، أنه "في حال استجاب الاحتياطي الفيديرالي الأميركي لضغوط الرئيس ترامب، فإن أول تأثير وأكثره أهمية سيكون على استقلالية هذه المؤسسة. إذ سيبدو كأن البنك المركزي لم يعد مؤسسة مستقلة، بل أصبح تابعاً للبيت الأبيض، ما يعني أن السياسات السياسية بدأت تؤثر عليه، وهو أمر بالغ الأهمية وستكون له تأثيرات كبيرة".

من جهة أخرى، فإن التضخم مرشح للارتفاع مجدداً، يقول الخطيب، "خصوصاً أن التأثيرات التضخمية للرسوم الجمركية لم تظهر بالكامل بعد. وبالتالي، إذا خفّض الفيديرالي أسعار الفائدة الآن تحت ضغط ترامب، فقد يؤدي ذلك إلى عودة التضخم للارتفاع، مما قد يُفشل كل ما أنجزه الفيديرالي سابقاً في كبح التضخم، وهو جهد كان فعّالاً ومهماً".

ويلفت إلى أنّه حتى الآن، "لا تزال المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة جيدة نسبياً، وهو ما ساهم فيه التنسيق السابق بين الحكومة الأميركية والاحتياطي الفيديرالي".

ويبلغ نطاق سعر الفائدة القياسي لمجلس الاحتياطي الفيديرالي حالياً 4.25-4.50%، وهو المستوى نفسه منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بعد خفوضات عدة في أسعار الفائدة أواخر العام الماضي. وأكد باول أن الاحتياطي الفيديرالي مستعد "لانتظار مزيد من الوضوح"، مشيراً إلى أن البنك "ليس مستعداً لتحريك السياسة في أي اتجاه أو بأي وتيرة حتى ينتهي ترامب من خططه في الرسوم الجمركية ويتضح تأثيرها على الاقتصاد بشكل أكبر".

وحذّر باول من أن "سياسات ترامب في الرسوم الجمركية تثير مخاطر إخراج التضخم والتوظيف عن نطاق الأهداف التي يديرها البنك المركزي بتفويض من الكونغرس".

وحذّر محلل لأسواق المالية من "تراجع الثقة بالدولار الأميركي، بل بالاقتصاد الأميركي"، لافتاً إلى أنّ "المستثمرين يبتعدون تدريجياً عن كل ما يتعلق بالدولار الأميركي. فالعملة تتراجع، والسندات تُباع، مما يؤدي إلى ارتفاع عوائدها، كما أن الأسهم الأميركية تشهد انخفاضاً. كل هذه المؤشرات تعكس ضعف الثقة بالاقتصاد الأميركي عموماً".

في ظل هذه الأزمة، يبدو أن معركة ترامب ضد "الفيديرالي" لا تهدد سياسة الفائدة فحسب، بل تُنذر بتحديات أعمق للاقتصاد الأميركي، في حال تم المسّ باستقلالية واحدة من أهم المؤسسات المالية في العالم. لذلك يرى الخطيب أنّ "ترامب قد يخفف من لهجته حيال الفيديرالي، خصوصاً إذا شهدت الأسواق الأميركية هزة قوية جديدة، كما حصل قبل نحو أسبوعين عندما سجلت الأسهم الأميركية تراجعاً حاداً، وانخفض الدولار، بينما ارتفعت عوائد السندات، ولاسيما منها سندات العشر سنوات. وبالتالي، في حال تكررت هذه الاضطرابات، قد يميل ترامب إلى تعديل موقفه، أو على الأقل تعزيز التنسيق مع الفيديرالي، كما فعل عندما قرر تأجيل تطبيق بعض الرسوم الجمركية".

مشاركة المقال: