الأحد, 19 أكتوبر 2025 01:27 AM

صراع مبكر على السلطة: منافسة خفية بين السوداني والمالكي على رئاسة الحكومة العراقية

صراع مبكر على السلطة: منافسة خفية بين السوداني والمالكي على رئاسة الحكومة العراقية

فَقّار فاضل - بغداد | مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية العراقية المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، تتصاعد حدة الحملات الانتخابية، وفي الوقت نفسه، يشتد التنافس بين القوى الشيعية لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، والتي ستحدد بدورها رئيس الحكومة القادم.

في هذا السياق، تسعى أوساط داخل «الإطار التنسيقي» إلى الحفاظ على وحدة الصف الشيعي، بينما يبرز «ائتلاف الإعمار والتنمية» بقيادة رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، الذي يقود تحركاً استباقياً لكسب دعم نيابي عابر للطوائف، بهدف تمهيد الطريق لولاية ثانية له.

يتألف «الإطار التنسيقي»، الذي تأسس في تشرين الأول عام 2021، من عدد من القوى الشيعية الرئيسية، بما في ذلك «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، و«حركة عطاء»، و«حركة حقوق»، و«تحالف قوى الدولة»، وغيرها من الأحزاب. وقد أدى غياب «التيار الصدري» عن البرلمان منذ انسحاب نوابه عام 2022، إلى فراغ كبير في التوازنات الشيعية، مما جعل «الإطار» القوة المهيمنة في البرلمان وصاحب اليد العليا في تشكيل الحكومة وفق مبدأ التوافق السياسي.

وقد قرر «الإطار» خوض الانتخابات بقوائم متفرقة، في خطوة تكتيكية تهدف إلى ضمان أكبر عدد من المقاعد وتجنب تشتت الأصوات داخل القوائم الموحدة، وذلك تماشياً مع قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد الدائرة الواحدة مع النسبية في كل محافظة. ومع ذلك، يثير هذا الخيار مخاوف من تصدعات محتملة داخل الصف الشيعي، في حال تعذر التفاهم على تشكيل كتلة موحدة بعد الاقتراع.

في المقابل، أعلن السوداني هذا العام عن تأسيس «ائتلاف الإعمار والتنمية» لخوض الانتخابات، وهو تحالف يضم 7 كيانات سياسية من داخل «الإطار» وخارجه، أبرزها «تيار الفراتين»، و«تحالف العقد الوطني»، و«ائتلاف الوطنية»، و«تحالف إبداع كربلاء»، و«تجمع بلاد سومر»، و«تجمع أجيال»، و«تحالف حلول الوطني». وعلى الرغم من أن الهدف المعلن للائتلاف هو مواجهة التحديات التنموية وتعزيز البنية التحتية، يرى مراقبون أن السوداني يسعى من خلاله إلى بناء قاعدة دعم نيابي تمنحه قوة تفاوضية بعد الانتخابات، وتمكنه من تأمين ولاية ثانية.

يرى البعض أن تحرك السوداني يمثل خطوة استراتيجية لكسر القيود التقليدية لـ «الإطار»، وإعادة رسم خريطة القوى داخل المكون الشيعي، إلا أن هذا المسار أثار تحفظات واسعة داخل «التنسيقي»، حيث تخوف بعض قادته من أن يكون مشروع الرجل محاولة لانتزاع الدور المركزي من القوى التقليدية. فعلى سبيل المثال، أبدى «ائتلاف دولة القانون» موقفاً متشدداً إزاء فكرة تجديد ولاية للسوداني، مؤكداً أن اختيار رئيس الوزراء المقبل يجب أن يتم من داخل «الإطار» ووفق التفاهمات الداخلية، لا عبر تحالفات جديدة. كما عكست التصريحات المتبادلة بين المالكي والسوداني صراعاً مكتوماً على زعامة المكون الشيعي، بدأ يطفو على السطح عبر المواقف الإعلامية والتحركات الانتخابية.

وفي خضم ذلك، بدأت قوى داخل «الإطار»، مثل «دولة القانون» و«منظمة بدر» و«عصائب أهل الحق»، التحضير لخوض الانتخابات بقوائم مستقلة أو شبه مستقلة عن مشروع السوداني، في محاولة لضمان مرونة تفاوضية أكبر بعد الانتخابات. وتشير المعلومات إلى أن بعض الأطراف تبدي استعداداً لتقديم تنازلات سياسية مبكرة – كالتراجع عن مطالب وزارية أو الانسحاب من المنافسة في محافظات محددة – مقابل حسم التفاهمات الداخلية لصالح مرشح توافقي على رئاسة الحكومة.

ويكشف قيادي في «الإطار»، لـ«الأخبار»، أن «هناك سلسلة اجتماعات تجري حالياً بين قادة المكوّن الشيعي لمناقشة مسألة الكتلة الأكبر وآلية تشكيلها بعد الانتخابات، إضافة إلى توزيع المقاعد والمناصب داخلها»، مضيفاً أن «النقاش يدور حول ما إذا كانت الكتلة الأكبر ستُعلن فوراً بعد إعلان النتائج، أم ستُبنى تدريجياً من خلال تفاهمات بين الكتل الفائزة». ويتابع أن المشاورات تتناول أيضاً «آلية اختيار مرشح رئاسة الحكومة»، في ظل تباين المواقف بين الأطراف التي تفضّل قراراً جماعياً، وتلك التي تطالب بأن يكون الترشيح حقاً حصرياً للأحزاب الأكبر داخل الكتلة.

وعلى الضفة نفسها، يرى النائب محمد الشمري، العضو في كتلة محسوبة على «الإطار»، أن «البيت الشيعي يقف اليوم عند مفترقٍ تاريخي؛ فالكتلة الأكبر ليست حكراً على فصيلٍ أو تيار، بل هي لمن يتمكّن من جمع أكبر عدد من الفائزين»، مؤكداً أن «الاجتماعات مستمرة، والمفاوضات تجري بهدوء لتفادي أي شرخ داخلي قد يهدّد وحدة الإطار».

ويعتقد القيادي في «تحالف الفتح»، علي الفتلاوي، بدوره، أن «ما يجري اليوم ليس انقساماً بقدر ما هو إعادة تموضعٍ سياسي داخل المكوّن الشيعي»، مضيفاً أن «الكتلة الأكبر ستكون العنوان الأبرز بعد الانتخابات، ونسعى إلى أن تكون ممثّلة لجميع القوى التي تؤمن بخيار الدولة واستقرارها بعيداً عن الحسابات الشخصية». ويشدد على أن «تشكيل هذه الكتلة يجب أن يقوم على أساس استحقاقي، لا على المجاملة أو تقاسم النفوذ. فالتجارب السابقة أثبتت أن التنازلات غير المدروسة تؤدي إلى حكومات هشة، ونحن لا نريد تكرار ذلك. لكل طرف وزنه الانتخابي والسياسي الذي يجب أن يُحترم».

وعلى مقلب رئيس الحكومة، يقول قيادي في «ائتلاف الإعمار والتنمية»، لـ«الأخبار»، إن «التحالف لا يتحرّك تحسباً لمفاجآت ما بعد الانتخابات فقط، بل يخطّط للدخول إليها بمعطياتٍ واضحة. لدينا اتصالات داخلية وخارجية لضمان الانسجام مع الكتل التي ستنضم إلينا لاحقاً، ولسنا جزءاً من أي محاصصة ضيقة».

مشاركة المقال: