الأحد, 23 نوفمبر 2025 10:04 PM

طرطوس: أسعار زيت الزيتون تحلق إلى مستويات قياسية مع تراجع حاد في الإنتاج

طرطوس: أسعار زيت الزيتون تحلق إلى مستويات قياسية مع تراجع حاد في الإنتاج

شهدت أسواق طرطوس ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار زيت الزيتون، مسجلةً أعلى مستوياتها منذ عقود، وذلك نتيجة الانخفاض الحاد في إنتاج الزيتون لهذا الموسم، الذي يعتبر من أهم المحاصيل الزراعية في المحافظة. وقد تراوحت أسعار عبوة الزيت بوزن 17 كيلوغراماً بين مليون ومليون و300 ألف ليرة سورية، أي ما يزيد عن 100 دولار أمريكي، وذلك تبعاً للجودة والمصدر ونسبة الحموضة، بعد أن كانت تتراوح قبل أشهر بين 500 و700 ألف ليرة، الأمر الذي زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين.

أكد عدد من المزارعين لـ "الحرية" أن الموسم الحالي كان كارثياً على معظم الأسر التي تعتمد على الزيتون كمصدر رزق أساسي. وأوضح المزارع أحمد معلا من قرية حمين بريف الدريكيش أن إنتاج أرضه انخفض بأكثر من 70% مقارنة بالعام الماضي. كما أشار المزارع صالح محمود من قرية الوردية بريف الشيخ بدر إلى أن موسم هذا العام هو الأضعف منذ سنوات، مبيناً أن أرضه البالغة 3 دونمات لم تنتج سوى بضعة كيلوغرامات من الزيتون رغم كثافة الإزهار، إلا أن تقلبات الطقس تسببت في تساقط الزهر قبل العقد. وأضاف أن المزارعين اعتادوا على "المعاومة" بين موسم قوي وآخر ضعيف، إلا أن هذا العام جاء أضعف بكثير من المتوقع، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الزيت بشكل كبير.

ولفت عيسى عبد الكريم إسماعيل، صاحب معصرة زيتون في قرية مطرو ريف الدريكيش، إلى أن الموسم الحالي يُعد من أسوأ المواسم على الإطلاق، حيث لم تتجاوز نسبة المحصول 10% من المعدل المعتاد. وأوضح إسماعيل أن أصحاب المعاصر تكبدوا خسائر كبيرة نتيجة شح المحصول، الذي لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج والنفقات. وأشار إلى أن سعر بيدون الزيت تجاوز المليون ليرة سورية من المعصرة، موضحاً أن هناك عدة عوامل تؤثر في تحديد السعر، أبرزها نوعية الزيت ونسبة الحموضة فيه، فكلما انخفضت نسبة الحموضة، ارتفعت جودة الزيت، حيث تتراوح نسبة الحموضة من 0.5 وهي الأفضل، وتزداد تدريجياً. وأضاف إسماعيل أن قلة المحصول ليست المشكلة الوحيدة، بل يضاف إليها الأعباء المالية الكبيرة نتيجة لانخفاض أجور عصر الزيتون، التي بلغت 700 ليرة سورية للكيلو الواحد لمن يُحضر زيتونه إلى المعصرة، بينما تصل الأجرة إلى 900 ليرة للكيلو إذا قامت المعصرة بنقل الزيتون وعصره، هذا بجانب تكاليف العمالة، والكهرباء، والمحروقات، ما أدى إلى زيادة الخسائر لأصحاب المعاصر.

وبيّن تاجر الجملة أحمد دنيا أنه يضطر لبيع الزيت بالكيلو، لأن القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت كثيراً، مشيراً إلى أن سعر الكيلو يتراوح بين 60 و80 ألف ليرة حسب الجودة والمصدر.

أكد رئيس اتحاد الفلاحين بطرطوس المهندس رائد مصطفى أن تراجع موسم الزيتون جاء نتيجة مجموعة عوامل متداخلة، أبرزها التقلبات المناخية وموجات الحر خلال فترة الإزهار التي أدت إلى ضعف العقد، إلى جانب نقص الأمطار خلال المراحل الحساسة من النمو، ما أثّر على امتلاء الثمار. كما ساهم انتشار ذبابة الزيتون نتيجة ارتفاع الحرارة في تراجع المحصول. ولفت مصطفى إلى أن شيخوخة عدد كبير من بساتين الزيتون وعدم تجديدها منذ سنوات، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الخدمة الزراعية، دفع العديد من الفلاحين إلى تقليل عمليات العناية الأساسية مثل التقليم والري والتسميد. وعن أسباب ارتفاع الأسعار، أوضح أن انخفاض الإنتاج محلياً وعلى مستوى سوريا والمنطقة، وارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة ومحروقات وأجور نقل وعمالة، كلها عوامل تغذّي موجة الغلاء الحالية، مشيراً إلى تراجع بعض المساحات المزروعة نتيجة الظروف الاقتصادية ساهم أيضاً في ضعف الإنتاج وارتفاع الأسعار، فضلاً عن اتجاه بعض المنتجين إلى التخزين والاحتكار أملاً منهم بارتفاع أسعاره مستقبلاً.

وأكد مصطفى أن الاتحاد بالتعاون مع وزارة الزراعة يعملان على خطة متكاملة لتحسين واقع زراعة الزيتون، تشمل إعادة تأهيل البساتين عبر برامج للتقليم والتجديد، وتوسيع برامج المكافحة الحيوية للحد من الآفات وخاصة ذبابة الزيتون، إضافة إلى تشجيع الري التكميلي ودعم شبكات الري الحديثة وتوفير غراس محسّنة بأسعار مدعومة. كما أوضح أن الإرشادات المقدمة للفلاحين تتضمن: الالتزام بمواعيد الري والتسميد، تنفيذ الرش الوقائي، الاستفادة من الدورات التدريبية، الحصول على الغراس المعتمدة من المشاتل، وضرورة التواصل المستمر مع المرشدين الزراعيين، كما شدّد على تنظيم عمليات القطاف والنقل والعصر لتقليل الفاقد وتحسين جودة الزيت.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: