في خطوة تهدف إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا، باشرت الجهات المعنية في محافظة طرطوس بإعادة تأهيل وتسليم عدد من الأكشاك السوقية في منطقتي الرابية والبرانية لصالح ذوي الإعاقة، ومرضى الأمراض المزمنة، والأسر ذات الدخل المحدود، والأرامل دون معيل. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تمكين هذه الفئات اقتصاديًا وتحسين ظروف معيشتهم.
إجراءات دقيقة لضمان العدالة الاجتماعية
وأوضح عبد الفتاح الخطيب، من “مديرية الوحدات الإدارية” في محافظة طرطوس، في حديث لمنصة، أن الإجراءات التي تم اتباعها لاختيار المستحقين كانت دقيقة ومنضبطة، حيث طُلب من كل متقدم إحضار مستندات تثبت حالته الإنسانية والاجتماعية بدقة. وأضاف أن المتقدمين من ذوي الإعاقة قدموا بطاقة إعاقة رسمية، بينما قدّم المرضى الذين يعانون أمراضًا مزمنة تقارير طبية وفواتير علاج تؤكد استمرارية حاجتهم للدعم. أما فيما يتعلق بالأرامل والأسر بدون معيل، فقد تم الاعتماد على وثائق رسمية مثل دفتر العائلة أو شهادة من السجل المدني.
تسليم الأكشاك تدريجيًا
وأشار الخطيب إلى أن عمليات تسليم الأكشاك بدأت بشكل تدريجي، مشيرًا إلى أن الحالة الأولى تم تسليمها لشخص من ذوي الإعاقة (شلل نصفي)، حيث تم اختيار كشك مجهز ومناسب لاحتياجاته الحركية، بما يضمن له سهولة الوصول واستخدام الموقع بفعالية. وأكد أن كل حالة يتم تقييمها ميدانيًا قبل التسليم، لضمان أن الشخص المستفيد هو فعلًا من الحالات الإنسانية المستحقة، ولضمان عدم حصول أي استغلال أو تجاوز في عملية التوزيع.
تنظيف وتأهيل الأسواق
وعلى صعيد الأعمال اللوجستية، أوضح الخطيب أن ضابطة بلدية طرطوس، بالتعاون مع مديرية الخدمات والصيانة، باشرت أعمال تنظيف شاملة للأسواق المذكورة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية فيها، مع التركيز على صيانة وتجهيز دورات المياه العامة الموجودة داخل السوقين. وأكد أن مدير الصيانة قام بجولة ميدانية لتقييم وضع المرافق الصحية، تم خلالها تنظيف المنطقة وعزلها تحضيرًا لأعمال الصيانة الشاملة. وذكر أن الفريق الفني يعمل حاليًا على دراسة مفصلة لإصلاح وتحسين دورات المياه، ليُصار لاحقًا إلى تنفيذ تلك التحسينات تحت إشراف مباشر من المهندسين المختصين.
مشروع قديم يستعيد زخمه بوجه جديد
وبيّن الخطيب أن فكرة توزيع الأكشاك السوقية ليست جديدة، بل كانت موجودة منذ فترة طويلة قبل تحرير المنطقة، وكانت تهدف إلى خلق أسواق شعبية مباشرة بين الفلاح والمستهلك، بعيدًا عن السماسرة والتجار الوسطاء، مما كان يساهم في خفض أسعار المنتجات الزراعية وزيادة دخل المزارعين. ولفت إلى أن هذه الأسواق كانت تعمل سابقًا، لكنها لم تكن جميعها ناجحة، وقد توقفت بعد ذلك نتيجة ظروف جائحة كورونا وتطبيق إجراءات الحجر الصحي. وبعد تحرير المنطقة، أُعيد إطلاق المشروع عبر دائرة الاستثمار، إلا أن الإعلان الذي نُشر على صفحة مجلس المدينة لم يشهد أي استجابة من المستثمرين.
تحويل الأكشاك إلى مشروع اجتماعي إنساني
وبعد فشل فكرة الاستثمار التجاري، قررت المحافظة استرجاع الفكرة ولكن بآلية مختلفة تمامًا، بحيث تكون هذه الأكشاك مصدر دخل بسيط للفئات المحتاجة والمهمشة اجتماعيًا، وذلك ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية للبلدية، وبما يحقق مردودًا ماديًا ضئيلاً يعود لصندوق البلدية. وأكد الخطيب أن هذا المشروع لا يخدم فقط هؤلاء المواطنين من الناحية الاقتصادية، بل يعزز أيضًا شعور الانتماء لديهم ويساهم في إعادة تأهيلهم اجتماعيًا، وهو ما ينعكس إيجابًا على المجتمع المحلي ككل.