رئيس الحكومة السورية السابق حسين عرنوس يكشف تفاصيل مثيرة عن فترة حكمه وعلاقته بالرئيس بشار الأسد والأجهزة الأمنية.
قال رئيس الحكومة السورية السابق “حسين عرنوس” أن مهمته كانت تقتصر على ترؤس جلسات الحكومة ومتابعة تنفيذ الخطط والأعمال ولم يكن جزءاً من قبضة النظام المهيمنة على البلاد.
وخلال حديثه لبودكاست قال “عرنوس” أن الجميع تفاجأ بحجم الظلم الذي كان واقعاً في “سوريا”، مضيفاً أن فترة تكليفه برئاسة الحكومة بين عامي 2020 و2024 كانت هادئة نسبياً لناحية المعارك العسكرية وكانت الهم الأساسي للحكومة توفير الخدمات للناس من ماء وكهرباء وغيرها.
وتابع أن وزارات مثل الدفاع والداخلية والخارجية كانت على صلة مباشرة برئاسة الجمهورية، فيما كانت الحكومة منشغلة بتأمين الحد الأدنى من الخدمات للمناطق التي عادت لسيطرة الدولة وفق حديثه، مبيناً أن الحكومة لم تكن على علم بحجم الخراب والجرائم التي كانت تحصل وكانوا يسمعون به كأي مواطن عادي.
“عرنوس” قال أن أي رئيس حكومة سواءً هو أو غيره لم يكن من صلاحياته التدخل بعمل الأجهزة الأمنية ولا يعلم 1% من عمل تلك الأجهزة، ولم يكن باستطاعته كرئيس حكومة توجيه أمر أو قرار لأي جهاز أمني.
واعتبر “عرنوس” أن وصوله للمناصب وتدرّجه بها كانت بسبب عمله وليس بسبب سعيه للمناصب، موضحاً أنه حين كان محافظاً لـ”القنيطرة” ووقعت فيها مجزرة بقرية “جباتا” لم يكن بوسعه منع الأجهزة الأمنية أو حتى سؤالهم عمّا سيفعلونه، وكل ما استطاع فعله استعادة جثامين الضحايا من أهالي القرية.
وأكّد “عرنوس” أنه حين كلّف بتشكيل الحكومة للمرة الأولى، لم يكن لديه أي علم بأنه سيكلّف بالمهمة بل رأى الخبر على شاشة التلفاز.
أقارب عرنوس المعتقلين
يقول رئيس الحكومة السورية أن الأوامر الرئاسية كانت تمنعه من التدخل بالملف الأمني، وأنه لم يزر رئيس فرع أمني إلا مرة واحدة حين كان وزيراً فزار رئيس فرع المخابرات العسكرية للسؤال عن أبناء عمه المعتقلين.
ووفق حديثه فإن أبناء عمه كانوا شباناً في العشرينيات من العمر قدموا من قريتهم بريف “إدلب” إلى “دمشق” من أجل العمل، وحين سأل رئيس الفرع الأمني عنهم أجابه “الله يرحمهم”.
وأكّد أنه لم يكن سعيداً بأي فترة من فترات تولّيه للمناصب، مبيناً أنه لم يكن بإمكانه الهروب أو الانشقاق، مبيناً أنه لديه 6 أخوة و13 أختاً مع أبنائهم ما يجعل من الصعب حمايتهم جميعاً بحال انشقاقه، وأضاف أنه تم بعد انشقاق “رياض حجاب” تخصيص حراسة أمنية لمراقبة رئيس الحكومة بشكل محكم لا يستطيع مطلقاً بوجودها التحرّك بعيداً عن أعين النظام.
اختيار الوزراء
يقول “عرنوس” أن هناك وزارات لا علاقة لرئيس الحكومة باختيار وزرائهم وهي الدفاع والداخلية والخارجية والأوقاف، وأضيفت إليهم في الفترة الأخيرة وزارة الإعلام. أما بقية الوزارات فيرفع رئيس الحكومة أسماء 3 مرشحين لكل وزارة إلى رئاسة الجمهورية مع مراعاة الاعتبارات المناطقية والطائفية وغيرها.
وعن اللقاءات مع “بشار الأسد” خلال ترؤسه للحكومة، أشار “عرنوس” إلى أنها كانت اجتماعات لتلقي قرارات وتوجيهات “الأسد” الذي كان متفرّداً بالقرار، مضيفاً أن مرض العظمة والفردية قتلت “بشار الأسد” الذي كان يعتبر نفسه يفهم في كل الملفات والقرارات.
قرار الـ 100 دولار عند الحدود
برّر “عرنوس” قراره فرض عند الحدود لكل مواطن سوري عائد للبلاد، بأنه حين تسلّم رئاسة الحكومة استدعى حاكم المصرف المركزي لسؤاله عن حجم الأموال الموجودة في الخزينة من القطع الأجنبي فأجابه بالإشارة أنه لا يوجد شيء.
وأضاف أن الحكومة تحتاج أحياناً ولو لدفعات بسيطة من الدولار لشراء شحنات صغيرة من الأدوية مثلاً، ما دفعه لاتخاذ قرار تصريف الـ 100 دولار الذي بات يدخل نحو مليون دولار أسبوعياً للخزينة، معتبراً أنه حين اتخذ القرار لم يكن هناك أي حل آخر وفق حديثه.
وتحدّث “عرنوس” عن أن “إيران” لديها مشروع واضح في “سوريا” وأن نائب الرئيس الإيراني “محمد مخبر” طلب منه خلال زيارته إلى “إيران” أن يوقّع له على طريقة لتسديد الديون السورية المتراكمة، فعرض عليه استثمارات في “سوريا” بدلاً من التسديد المباشر عبر الأقساط نظراً لعدم وجود سيولة لدى الحكومة السورية، حيث طلب الإيرانيون الاستحواذ على “مصفاة حمص” ومؤسسة الكهرباء لكنه رفض ذلك وأبلغ “الأسد” بالرفض.
ركّز “عرنوس” خلال اللقاء على ضعف دور رئيس الحكومة وصلاحياته، وقال أنه خدم المواطنين قدر ما استطاع، وكرّر في أكثر من مناسبة أن الأجهزة الأمنية كانت متغوّلة وخارج صلاحيات عمله، فيما لم يكن “الأسد” يعتبر رئيس الحكومة شريكاً بالحكم بل منفّذاً لقراراتها الشخصية.