القدس المحتلة-سانا: يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة وضعاً إنسانياً كارثياً متجدداً مع قدوم فصل الشتاء. يعيش الآلاف في خيام متهالكة غير قادرة على مقاومة الأمطار الغزيرة، وسط دمار واسع النطاق للبنية التحتية والمنازل نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار المعلن منذ العاشر من تشرين الأول الماضي.
المنازل والمرافق العامة مدمرة، مما اضطر السكان إلى اللجوء إلى خيام متفرقة في ظل غياب شبكات الصرف الصحي وانخفاض درجات الحرارة إلى حوالي خمس درجات مئوية ليلاً. هذا الواقع يزيد من معاناة المدنيين الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، ويواجهون خطر الغرق والبرد والجوع في وقت واحد.
مساعدات محدودة أمام احتياجات ضخمة
تؤكد التقارير الميدانية أن المساعدات الإنسانية لم تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، حيث دخلت أقل من 5000 شاحنة من أصل 15600 شاحنة كان من المفترض وصولها، أي بنسبة لا تتجاوز 30 بالمئة. يفرض الاحتلال قيوداً مشددة على سلاسل الإمداد، حيث لا يتجاوز متوسط عدد الشاحنات اليومية 200 شاحنة، بينما ينص البروتوكول الإنساني على 600 شاحنة لتلبية احتياجات الغذاء والدواء والوقود. هذا العجز الكبير يعكس استمرار العدوان الإسرائيلي عبر سلاح التجويع ووضع السكان في ظروف قاسية مثل البرد والجوع والمرض. في ظل هذه القيود، لم يتم إدخال مواد الإيواء الأساسية مثل الكرافانات والخيام إلا بكميات قليلة جداً لا تكفي لمواجهة فصل الشتاء.
أطفال غزة في مواجهة البرد والجوع
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن الأطفال في غزة يعانون من ضعف المناعة بسبب نقص الغذاء، مما يجعل الشتاء القارس قاتلاً لهم في ظل غياب المأوى والتدفئة. صور الأطفال بملابس مبللة يسيرون وسط برك المياه التي أغرقت المخيمات تختصر حجم المأساة. أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن أكثر من مليون فلسطيني يواجهون خطر الأمراض بسبب نقص الخيام ومواد الإيواء، بينما أكدت منظمة “أنقذوا الأطفال” أن آلاف الأطفال ينامون على الأرض العارية وسط مياه الصرف الصحي.
أمطار الخير تتحول إلى معاناة
المنخفض الجوي الأخير جلب أمطاراً غزيرة أدت إلى فيضانات ملوثة اجتاحت المخيمات والمنازل المدمرة جزئياً، مما أثر على أكثر من 740 ألف شخص وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). حذرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم الأزمات الصحية مع الشتاء، مشيرة إلى أن الأمطار والرياح القوية في بيئة تعاني من نصف مليون طن من النفايات وخيام هشة قد تؤدي إلى انتشار واسع للأوبئة. سلطات الاحتلال تواصل منع إدخال مواد الإيواء الأساسية حيث سمحت بمرور شحنات تجارية منخفضة القيمة الغذائية مثل المشروبات الغازية والشوكولاته، بينما منعت بعثات إنسانية من إدخال الخيام والمواد الغذائية عبر معبر كرم أبو سالم.