الثلاثاء, 15 يوليو 2025 12:13 AM

غضب في الأوساط الفنية بعد قرار بإغلاق سينما الكندي بدمشق.. وجهاد عبده يناشد الأوقاف

غضب في الأوساط الفنية بعد قرار بإغلاق سينما الكندي بدمشق.. وجهاد عبده يناشد الأوقاف

أثار كتاب صادر عن مديرية أوقاف دمشق يطالب بإخلاء صالة سينما الكندي خلال أسبوع، ردود فعل غاضبة في الأوساط الفنية والثقافية، وسط مخاوف من تضييق الخناق على الحياة السينمائية في البلاد، وفقدان معلم يرتبط بذاكرة أجيال من السوريين.

وبحسب الكتاب المتداول، فإن الأوقاف تعتزم تحويل الصالة التاريخية إلى "مركز ثقافي يشعّ منه نور المعرفة والعلم"، وهو ما اعتبره ناشطون ومخرجون خطوة مقلقة تهدد واحداً من آخر معاقل السينما السورية المستقلة، خاصة وأن الصالة تضم سينماتك نادرة تحوي مئات الأشرطة من كلاسيكيات السينما العالمية.

وفي أول تعليق رسمي، أعرب مدير المؤسسة العامة للسينما، الفنان جهاد عبده، عن مفاجأته بالقرار الذي تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح في بيان له أنه لم يتم إبلاغ المؤسسة بأي قرار رسمي من قبل وزارة الأوقاف، مشيراً إلى أنه بادر شخصياً بالتواصل مع الوزارة للاستفسار عن خلفيات القرار.

وأضاف عبده في بيانه: «بصفتي مديراً للمؤسسة وفناناً ترعرع على مقاعد صالة الكندي، ناقشت الأمر مع وزير الثقافة، وقد وجدت منه تعاوناً ودعماً كبيراً للإبقاء على السينما»، مؤكداً أن الجهود ما تزال مستمرة لفهم الحيثيات، واتخاذ الخطوات اللازمة بهذا الخصوص.

وتابع: «رؤيتنا واضحة ومتماسكة: مزيداً من دور السينما، مزيداً من الإنتاج السينمائي كماً ونوعاً، لا العكس!»، معرباً عن أمله في تعاون "مسؤول" من وزارة الأوقاف لحماية إرث سينما الكندي.

وكان مخرجون وطلاب من المعهد العالي للسينما قد نظموا وقفة احتجاجية أمام أبواب الصالة المغلقة مساء الجمعة، ورفعوا لافتات تندد بالقرار، كتب على إحداها: «السينما نور في حياة مظلمة»، فيما خطّت إحدى الطالبات عبارة استعارية قالت فيها: «وها أنا أراني اليوم منزلقاً على بساط التاريخ، فقد أُغلق أمامي باب السينما، والمفتاح ليس معي».

واعتبر مشاركون في الوقفة أن تحويل صالة الكندي إلى "مركز ثقافي" لا يعوّض فقدان واحدة من أقدم صالات العرض في العاصمة، بل يُعد تهديداً لحيز عام حافظ على طقوس المشاهدة السينمائية منذ عقود، وساهم في صناعة ذائقة أجيال كاملة من محبي السينما.

وتعود جذور صالة الكندي إلى خمسينيات القرن الماضي، إذ تغيّر اسمها من "أدونيس" إلى "بلقيس"، قبل أن يستقر على اسمها الحالي المستلهم من اسم العالم الموسوعي العربي يعقوب بن إسحاق الكندي، الذي يُعتبر من أوائل من نظّر للنسبية في الفلسفة والعلوم.

ومنذ عام 1970، شكّلت الصالة مقراً للنادي السينمائي بإشراف نخبة من كبار المخرجين السوريين، أبرزهم محمد ملص وهيثم حقي ونبيل المالح، وشهدت عروضاً نوعية لأفلام من الموجة الفرنسية الجديدة والواقعية الإيطالية، إضافة إلى أفلام بازوليني، الذي زار الصالة شخصياً في عرض خاص لفيلمه "ميديا" عام 1969.

كما احتضنت الكندي عروضاً لأفلام سورية بارزة كـ"أحلام المدينة" و"ليالي ابن آوى" و"شيء ما يحترق"، وكانت المقر الأول لمجلة "الحياة السينمائية" وسلسلة "الفن السابع"، وصالة عرض شبه دائمة لمخرجي المنطقة العربية.

تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة السينما فقدت صالات كندي أخرى في حمص وحلب، وسط تراجع حاد في البنية التحتية للقطاع، وتحول بعض الصالات إلى صالات أفراح أو أبنية مهملة، ويخشى محبّو السينما أن تلقى "كندي دمشق" المصير ذاته، ما لم تبادر الجهات المعنية إلى حماية ما تبقّى من ذاكرة الشاشة الكبيرة في البلاد.

يذكر أن وزارة الأوقاف كانت قد فسخت عقد استئجار صالة السينما، بعد الكشف عن أن بدل الإيجار السنوي للعقار لا يتجاوز 30 دولاراً، تمهيداً لتحويلها إلى مركز ثقافي.

مشاركة المقال: