بعد مرور 65 يوماً على اندلاع أحداث العنف في محافظة “السويداء”، صرح وزير الخارجية السوري “أسعد الشيباني” بأنه لا سبيل لعلاج الجراح إلا بعودة السوريين إلى الحوار المباشر، وتضميد الجراح، وفتح صفحة جديدة تقوم على الوحدة والمصالحة والمصير المشترك.
سناك سوري _ دمشق
هذه التصريحات لم تأتِ خلال اجتماع بين مسؤولي الحكومة السورية وممثلي محافظة “السويداء” التي تحملت وطأة العنف منذ 13 تموز، بل جاءت في مؤتمر صحفي عقب اجتماع ضمّ الوزير السوري مع نظيره الأردني “أيمن الصفدي” والمبعوث الأمريكي إلى سوريا “توم براك”.
المفارقة تكمن في أن وزيراً سورياً يناقش مصير محافظة سورية مع مسؤولين غير سوريين، بدلاً من أن يكون الحوار بين السوريين أنفسهم هو الحل. يبدو أن الأطراف السورية باتت بحاجة إلى مباحثات مع دول أخرى للتوسط وفتح قنوات الحوار بين الأطراف السورية المتنازعة.
في سياق مماثل، شهد نفس اليوم من عام 2018 اجتماعاً بين رئيسي روسيا وتركيا حول محافظة إدلب السورية.
تحدث “الشيباني” عن خارطة طريق من سبع خطوات وضعتها الحكومة السورية لحل الأزمة في “السويداء”، تتضمن محاسبة المتورطين في انتهاكات بحق المدنيين، والإفراج عن المختطفين من جميع الأطراف، وكشف مصير المفقودين. اللافت في الأمر هو إشارة “الشيباني” إلى أن هذه الخطة حظيت بدعم أردني-أمريكي.
الحوار الغائب فجّر أزمات السوريين
بالعودة إلى الوراء، كان انعقاد مؤتمر في شباط الماضي نقطة أساسية في بناء قواعد المرحلة الانتقالية لـ”سوريا” بعد نظام “الأسد”، إلا أن السلطة المؤقتة اختارت إنجاز حوار سريع وشكلي لم تسعَ خلاله بجديّة لمحاورة المكونات والأطراف السورية.
وسرعان ما تجلت نتائج غياب هذا الحوار في أحداث “الساحل” في آذار، وصولاً إلى أحداث “السويداء” في تموز. هؤلاء الأشخاص الذين لم يتم التحاور معهم ولم يتم الاستماع إلى مطالبهم ومخاوفهم وهواجسهم بشأن المستقبل ورؤيتهم لفرض الأمن والاستقرار في مناطقهم، انفجر العنف سريعاً وحلت لغة السلاح محل لغة الحوار.
إن غياب الإرادة لملاقاة الطرف الآخر في منتصف الطريق، وتعنت كل طرف عند موقفه في ظل غياب قنوات الحوار والنقاش، أدى في النهاية إلى انفجار العنف ودفع “سوريا” بكل أطرافها ثمن ذلك. وحتى بعد توقف المعارك على الأرض، لم يجد السوريون طريقاً للحوار فيما بينهم، فلجأوا إلى دول أخرى على أمل أن تنقذ ما يمكن إنقاذه وتصنع لهم طاولة حوار تجمعهم لحل خلافاتهم دون تمسك بفرض السلطة بالقوة من جهة، ودون إصرار على الانفصال في الجهة المقابلة.
لا يزال الحوار ممكناً في اللحظة التي تتخلى فيها الأطراف السورية عن تعنتها وعن لجوئها إلى الخارج وعن رفضها الانفتاح على الآخر. لا يزال الحوار مفتاحاً لحل الأزمات وتجنيب البلاد أزمات مستقبلية، ولا تزال الفرصة سانحة لصفحة جديدة بين السوريين يكتبون صياغتها معاً.