فساد واكتظاظ يفاقمان أزمة السكن الجامعي بدمشق

مع بداية كل عام دراسي، تتكرر معاناة الطلاب في البحث عن غرفة للسكن الجامعي في دمشق، حيث تكون الإقامة فيه الخيار الوحيد لديهم بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الإيجارات خارج الحرم الجامعي. وسط هذا الواقع، يضطر الطلاب للتأقلم مع الاكتظاظ الشديد داخل الغرف، إذ يشارك طالب الطب البشري غرفته مع ستة طلاب آخرين، رغم أن القوانين تنص على ألا يزيد العدد في الغرف المخصصة لطلاب الكليات العلمية عن ثلاثة طلاب. في بعض الحالات، يصل عدد الطلاب في الغرفة الواحدة إلى أكثر من 12 شخصاً، مع عدم استثناء وحدات الطالبات من هذا الاكتظاظ.
يشكو الطلاب من منح غرف مميزة لأبناء أصحاب النفوذ، مثل الضباط وأعضاء مجلس الشعب، حيث يُفرَد لكل منهم غرفة خاصة، بينما يُترك الطلاب الآخرون للتكدس في ظروف غير إنسانية. الأسوأ أنه حتى بعض المقيمين في دمشق، الذين يملكون منازل فيها، يحصلون على غرف في السكن الجامعي، ما يحرم الطلاب القادمين من المحافظات الأخرى من حقهم في الإقامة. وتتفاقم المشكلة عندما يخصص بعض المتنفذين غرفاً منفردة لكل ابن من أبنائهم.
أوضاع السكن الجامعي تتسم بالفوضى الواضحة وغياب الالتزام بالقوانين. في بعض الحالات، تُمنح غرف في وحدات الطالبات لمن لا يحمل صفة "طالب جامعي"، بما في ذلك صديقات أصحاب النفوذ، حيث يتمتعن بمعاملة متميزة تحت أعين الإدارة. هذا يتسبب في تأثيرات مباشرة على الطالبات اللواتي يُجبرن إما على استئجار سكن خارجي بتكاليف باهظة أو البقاء في غرف مكتظة تضم سبع أو ثمان طالبات على الأقل.
وتبرر إدارة المدينة الجامعية سوء الأوضاع بتحديات اقتصادية صعبة تمنعها من تحسين البنية التحتية للسكن. على الرغم من بدء عمليات ترميم لبعض الوحدات، تُخصص تلك الوحدات المجددة لفئات معينة من الطلاب والموظفين ذوي المحسوبيات، ما يزيد من إحباط الطلاب الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة اللائقة داخل السكن.
بهذا الوضع، تستمر معاناة الطلاب داخل السكن الجامعي، في بيئة تفتقر إلى النظافة، المياه الساخنة، والخدمات الأساسية الأخرى، مما يجبر الكثير منهم على العمل بجانب الدراسة لتغطية تكاليف المعيشة المتزايدة.