وصل الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض على حصان الاقتصاد، بعدما وعد الناخبين بتحسين الوضع الاقتصادي، وخفض غلاء المعيشة، والتضخم، والبطالة. لكن المائة يوم الأولى من ولايته شهدت انقلابات تجارية ومالية واقتصادية غير مسبوقة، وصدمات في الأسواق المالية الأميركية والعالمية، وحرباً بفرض رسوم جمركية ضخمة.
ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» أداء ترمب الاقتصادي بأنه الأسوأ لرئيس أميركي جديد منذ أكثر من 100 عام، مؤكدة أنه حقق نجاحاً في إحداث مستوى مرتفع من الفوضى والقلق وعدم اليقين.
الحلفاء والأعداء
تباطأ النمو الاقتصادي، وانهارت ثقة المستهلكين والشركات، وهبطت الأسواق، وانخفضت قيمة مدخرات الأميركيين. وتوقع الخبراء ارتفاعاً في التضخم مرة أخرى. وانتقد حلفاء ترمب الحرب التجارية التي شنها ضد كندا والمكسيك وأوروبا واليابان، معتبرين أن الولايات المتحدة أصبحت شريكاً غير موثوق به.
أما الصين، فردت بقوة في الحرب التجارية، وبدأت في نشر نفوذها لملء الفراغ الذي خلفه انسحاب ترمب من الساحة التجارية الدولية، وقامت بتعليق تصدير المعادن النادرة الضرورية للصناعات التكنولوجية المتقدمة.
انخفاض في نسبة التأييد
أظهرت استطلاعات الرأي انخفاضاً في نسبة تأييد الأميركيين لأداء ترمب الاقتصادي، مع نظرة متشائمة حول الاقتصاد.
وقال بروس كاسمان كبير الاقتصاديين بمؤسسة «جي بي مورغان»، إن أول 100 يوم من ولاية ترمب مليئة بالأحداث والتداعيات، وحالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية أدت إلى تقلب أسواق الأسهم والسلع، وتوقعات بانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي.
الرسوم الجمركية
لم يقتصر أثر التعريفات الجمركية على ثقة المستهلكين، بل تجاوزهم إلى المستثمرين ورجال الأعمال، مع ارتفاع تكلفة استيراد مدخلات الكثير من الصناعات، وإرباك سلاسل التوريد التجارية. وحذر صندوق النقد الدولي من أن الرسوم الجمركية الأميركية ستفاقم الضغوط الاقتصادية.
«يوم التحرير»
كان قرار ترمب فرض موجة من التعريفات الجمركية في حفل أطلق عليه «يوم التحرير»، هو بداية الحرب التي اشتعلت وامتدت شراراتها إلى كل دول العالم. ووصف كريستوفر والر أحد محافظي «الاتحادي الفيدرالي» الحرب التجارية بأنها «واحدة من أكبر الصدمات التي أثرت على الاقتصاد الأميركي منذ عقود».
وارتفعت أسعار الذهب، وتراجعت العملة الأميركية، وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية، مما يشير إلى أن تكلفة السلع ستكون أعلى من التوقعات.
صفقات عادلة مع الصين
يؤكد ترمب ومسؤولو إدارته أن الضربات التي تلقتها سوق الأوراق المالية هي جزء من خطة عمل، وأنها ستتحول إلى فوائد اقتصادية كبيرة. وأشارت صحيفة «وول ستريت» إلى أن البيت الأبيض يدرس اقتراحاً بخفض الرسوم على المواد التي لا تعتبر تهديداً للأمن القومي.
لكن بول دونوفان كبير الاقتصاديين في شركة «بو بي إس» حذر من أن «دورة التهديد، ثم التراجع عن التهديد، لها عواقب اقتصادية، وستؤثر حالة عدم اليقين الناتجة عنها على قرارات المستهلكين والشركات».
التساؤلات تتزايد، فإذا كان هذا هو حال الاقتصاد في الولايات المتحدة، وحال التجارة مع دول العالم خلال مائة يوم فقط، فكيف ستكون الأيام الـ1360 القادمة من ولاية ترمب؟!