الأحد, 14 سبتمبر 2025 02:34 PM

في السويداء: فارس وابنه غالب يخبزان الخبز مجاناً للتغلب على أزمة الخبز

في السويداء: فارس وابنه غالب يخبزان الخبز مجاناً للتغلب على أزمة الخبز

في مدينة السويداء، يقدم فارس صعب وابنه غالب مبادرة إنسانية للتغلب على أزمة الخبز التي تعاني منها المدينة. يكفي أن يحضر الأهالي كمية من الطحين ليحصلوا على أرغفة خبز ساخنة مجاناً.

لم يمنع صوت القذائف والرصاص فارس وابنه من مواصلة عملهما، حتى خلال الاشتباكات التي شهدتها السويداء قبل شهرين. كانا يخبزان على الحطب لتوفير الخبز لجيرانهم ولكل من يحتاجه.

يقول فارس لـ"سناك سوري" إنه عند بدء الاشتباكات وتوقف الأفران، وجد نفسه وجيرانه بلا خبز. فقام بجمع الحطب واستخدام صاج صغير لخبز بعض الأرغفة بما توفر لديه من كرتون وخشب.

يعمل فارس وابنه في خبز المناقيش داخل "كولبة" صغيرة استأجراها من المجلس البلدي بجانب حديقة الوزير قرب المتحف قبل سقوط النظام. وخلال فترة انقطاعهما عن العمل بسبب الخطر، فكّر فارس بإعداد الخبز لأسرته وجيرانه.

ويضيف: «خبزت ما لدي من الطحين وطلبت من الجيران أن يحضروا طحينهم، وبالفعل خبزنا بجوار منزلي رغم ظروف القصف والخطر، لكن المهم أننا لم نفتقد رغيف الخبز طوال أيام المعركة».

بعد توقف الاشتباكات، بقيت معظم الأفران متوقفة ولم يبقَ سوى فرنٍ واحد ينتج كميات محدودة، فظهرت معاناة الأهالي بشكل أكبر. عندها أعلن غالب استعداده لتلبية طلبات الأهالي مجاناً، بحيث يقدّم الخبز لكل من يحضر 2 كيلو من الطحين.

غالب صعب (22 عاماً، خريج معهد الرسم) قال: «في الأول من آب الماضي أطلقت مبادرة الخبز بالمجان، وبدأنا بخبز 2 كيلو من الطحين لكل أسرة دون أي مقابل، في محاولة لتخفيف الأزمة خاصة عن كبار السن ومن لا يستطيع الوقوف لساعات طويلة أمام الفرن، عدنا إلى العمل في الكولبة وتلقينا طلبات كثيرة، كنا نتمنى أن نؤمّن الطحين، لكن الظروف منعتنا، فاعتمدنا على ما يقدمه الأهالي ضمن إمكانياتهم المحدودة».

يتحمّل فارس وابنه ساعات عمل طويلة في مكان غير مهيأ، كونه جزءاً من حديقة عامة بأرضية غير ممهدة ومعدات متواضعة، إضافة إلى مشقة جمع الحطب.

يوضح غالب: «أعمل في الصباح في أحد مولات المدينة، وفي المساء مع والدي. أكثر ما يرضينا أننا لم نرفض طلب أحد من أهلنا، حتى من لم يكن يملك الطحين؛ كنا نحاول تلبية حاجته بما يتوفر لدينا».

حتى اليوم، يواصلان عملهما فيما الأزمة مستمرة، إذ ما يزال الوقوف في طابور الفرن يحتاج ساعات طويلة، ويلجأ الكثيرون إليهما كخيار بديل.

ويطمح فارس وغالب لتطوير عملهما، فالكولبة تحتاج إلى تحسين الأرضية وصبها بالإسمنت، إضافة إلى مظلة مناسبة، على أمل أن يجدوا جهة تقرضهما المبلغ اللازم ليستمر المشروع الذي تعتاش منه الأسرة.

المبادرة لاقت تقديراً كبيراً من الأهالي، حيث ساعدهم كثيرون بالحطب أو الكرتون، فيما عبّر طبيب الأسنان كنان أبو رايد عن شكره عبر استقبال غالب في عيادته وتقديم المعاينة له بالمجان، كما تلقت العائلة اتصالات شكر ودعم من جهات مختلفة، مؤكدين أن تعاون المجتمع وتوفير وسائل مساعدة مثل سيارة لنقل الحطب، سيمكن فارس وغالب من مواصلة مبادرتهم بشكل دائم، خاصة في ظل استمرار الأزمة الطارئة التي تعيشها المحافظة.

مشاركة المقال: