دمشق-سانا: ضمن فعاليات تظاهرة "بداية" الثقافية، عُرض الفيلم الوثائقي "مسكون" للمخرجة لواء يازجي، الذي استغرق العمل عليه منذ بداية الثورة السورية وأُنجز في عام 2014. يستعرض الفيلم، على مدار ساعتين، علاقة السوريين العميقة بمنازلهم وتفاصيل حياتهم، وتأثير الصراع على خياراتهم القاسية بين الموت تحت القصف أو الرحيل القسري.
حاز فيلم "مسكون" جائزة التحكيم في مهرجان مرسيليا الدولي للأفلام الوثائقية عام 2014، بالإضافة إلى جوائز أخرى، ويستمر في عرض مآسي السوريين من خلال مشاركته في المهرجانات والتظاهرات العالمية. الفيلم يلامس فكرة أن البيوت تحمل أرواحًا، حيث نشاهد تجذر تسعة سوريين في منازلهم وممتلكاتهم، ونستكشف علاقتهم الحميمة بها. كل زاوية تحمل حكاية وذكرى فريدة، تُروى على ألسنة شخصيات مختلفة، وسط أصوات القصف والانفجارات والإضاءة الخافتة، مما يخلق مزيجًا من الأسى والألم والقلق العميق لدى المشاهد.
تتحدث المخرجة مع عبد المجيد وزوجته عبر سكايب، اللذين يرافقان المشاهد طوال الفيلم، حيث يرصدان اللحظات الأخيرة قبل مغادرتهما حيهما في دمشق. يصفان الحصار وانتشار القناصة والحواجز الكثيفة، وشبح الموت الذي يخيم على المكان، وتحول مكب القمامة إلى موقع استراتيجي للقنص، بالإضافة إلى خطر الجوع المتزايد بسبب نقص المواد الغذائية، والاختيار الصعب بين ما يمكن حمله وما يجب تركه، وصور العائلة المعلقة على الجدران والنوافذ المحطمة.
في الوقت نفسه، نسمع حسرة "حسين"، ابن الجولان المحتل، على ارتباطه بأشيائه المبعثرة وبدمشق، وعلى صور الجثث الملقاة في الشوارع، وضغط مخابرات النظام الذي أجبره على الرحيل. بينما يوثق شاب فلسطيني بدموع التدمير الذي لحق بمباني الحي، والتعفيش، وسرقة الممتلكات لبيعها في السوق السوداء، وسط حصار خانق.
يظهر أيضًا أب من إدلب يتحسر على فقدان صورة طفله الشهيد التي فُقدت مع المنزل، وتصف امرأة مهجرة مرآتها الطويلة ومنزلها الرائع، ثم نجاتها مع عائلتها وسط ظروف قاسية ولا إنسانية.
تم تصوير الفيلم في عدة منازل، بعضها مدمر أو محاصر، وفي بقايا منزل قصفته قوات النظام، وكذلك في الخيام. تظهر صور التدمير والخراب والزجاج المكسور والأثاث المحطم، وتوثق اللقطات من الأسطح آثار القصف والانفجارات، مصحوبة بموسيقى تصويرية مؤثرة، ليبقى السؤال المؤلم يتردد: "إلى متى؟" على وقع دقات ساعة الحائط.
تستمر تظاهرة "بداية" لأجل الثورة السورية حتى 28 نيسان الجاري في بيت فارحي بدمشق القديمة، وتُختتم بعرض موسيقي من كورال غاردينيا يوم الاثنين القادم.