إعداد: محسن سلامة
يُضرب هذا المثل للشيء إذا زاد عن حدّه، أي جاوز الحدّ، وطفح الكيل.
(الزّبى): جمع زبية، حفرة لصيد الليث، إذا بلغها السيل كان جارفاً مُجْحفاً، تُمَوَّه ثمّ يُهَاجَم الليث، فيسهل صيده.
اجتمع الناس ذات يوم في شعاب مكّة لمشاهدة الليث الذي وقع في زبية أُعِدّتْ له، ونتيجة التدافع هوى أوّلهم مَنْ كان في المقدّمة، فأمسك بمن خلفه طلباً للنجاة، فهوى هو الآخر معه، وكان هذا الآخر قد تعلّق بالثالث خلفه أيضاً طلباً للنجاة، فهوى الثلاثة في الزّبية.
قتل الليث الثلاثة، ورفض صاحب الزبية دفع الديّه، فقصد أهل القتلى الفقيه المشهور (معاذ بن جبل)، فلم يدر كيف يفتيهم، فذهب بهم إلى الإمام (عليّ بن أبي طالب) كرّم الله وجهه، فقال عليّ: قصّوا علَيَّ خبركم، قالوا: صِدْنا أسداً في زُبْيَة، فاجتمعنا عليه، فتدافع الناسُ، فهوى رجلٌ في الزُّبية، فتعلّق الرجل بآخر، وتعلّق الآخر بالآخر، فهَووا فيها ثلاثتهم.
فقضى فيها (عليٌّ) كرّم الله وجهه: أنْ للأوّل ربع الديّه، وللثاني النصف، والثالث الديّه كلّها.
فأُخْبِرَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقضائه فيهم، فقال لعليّ: (لقد أرشدك الله للحقّ).
التحليل: صاحب الزبيه هو المُسبِّب أوّلاً وأخيراً:
- المقتول الأوّل يتحمّل ثلاثة أرباع المسؤوليّه، لإنّه رأى الخطر ولم يأبه له.
- والثاني نصف المسؤوليّه.
- والثالث أخذ مسافة الأمان كاملة.
هل في جامعاتنا أو مدارسنا من يبحث عن هذا التراث العظيم؟!
المرجع: مجمع الأمثال للميدانيّ المُتوفَّى في سنة 518 من الهجرة (اخبار سوريا الوطن 1-الكاتب)