السبت, 15 نوفمبر 2025 07:48 PM

قلق متزايد بين اللاجئين السوريين في ألمانيا مع إعادة فتح ملف الترحيل: هل تتحقق أماني العودة الدائمة؟

قلق متزايد بين اللاجئين السوريين في ألمانيا مع إعادة فتح ملف الترحيل: هل تتحقق أماني العودة الدائمة؟

يتصاعد قلق اللاجئين السوريين في ألمانيا وأهاليهم في سوريا مع إعادة ألمانيا فتح ملف الترحيل إلى سوريا، خاصة بعد التغييرات التي شهدتها البلاد منذ الثامن من كانون الأول الماضي. وقد ازداد هذا القلق في أوساط اللاجئين السوريين، بالتزامن مع تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس الأخيرة التي أشار فيها إلى أن "الحرب في سوريا انتهت" وأن على السوريين "النظر في العودة إلى وطنهم"، وتفاقم مع ازدياد الضغوط السياسية الداخلية في ألمانيا نتيجة لصعود اليمين المتطرف ومطالبته بسياسات هجرة أكثر صرامة.

منذ تولي الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع مقاليد الحكم في البلاد عقب الإطاحة بحكم بشار الأسد، ازدادت أعداد اللاجئين السوريين العائدين إلى البلاد. وشمل العائدون من قدم بقصد الزيارة لعدة أيام أو أسابيع ثم عاد، في حين اختار آخرون العودة بشكل دائم. وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الأسبوع عن عودة 1,208,802 لاجئ سوري إلى سوريا منذ 8 كانون الأول الماضي، معظمهم من تركيا ولبنان والأردن، بالإضافة إلى أعداد أقل من دول أخرى بينها ألمانيا.

تجدر الإشارة إلى أن مئات الآلاف من السوريين قصدوا ألمانيا منذ بداية الحرب التي شنها النظام على الشعب في العام 2011. (ر.ف) شاب سوري في العقد الثالث من العمر، قدم من ألمانيا في زيارة استمرت عدة أسابيع لرؤية أهله واستطلاع الأوضاع في البلاد، بهدف تقييم إمكانية العودة الدائمة. يؤكد الشاب، الذي قصد ألمانيا في العام 2012 هرباً من أداء الخدمة الإلزامية في جيش النظام، في حديث لـ "الوطن"، أن فرحة اللاجئين السوريين في ألمانيا بسقوط نظام الأسد لا توصف، معبراً عن أن "كابوس الظلم قد انتهى".

كما أكد الشاب أن أمنيته هي العودة إلى البلاد والعيش بجانب أهله وإخوته وأقاربه. لكن (ر.ف)، الذي يعمل في مهنة طلاء جدران المنازل والأبواب وتركيب ديكورات الجبس والجبسمبورغ، يرى أن "الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لم تستقر بعد، وبالتالي فإن قرار العودة الدائمة حاليا لن يكون صائباً". ويضيف: "إن شاء الله مع بداية العام القادم تنطلق المشاريع الاستثمارية في البلاد ويصبح هناك عمل بأجور مرتفعة تمكن الأسر من العيش في مستوى متوسط على الأقل وعندها سأعود".

(ر.ف) يبدي مخاوف كبيرة من تصريحات المسؤولين الألمان حول السياسات الجديدة تجاه اللاجئين السوريين، بما في ذلك الترحيل. ويقول: "معظم اللاجئين السوريين قلقون من تلك التصريحات. نعم هناك تغير في سوريا ولكن فرص العمل مازالت قليلة جداً والأجور منخفضة للغاية لا تتناسب مع متطلبات العيش، والحكومة السورية الجديدة مشكورة تعمل على تحسين مستوى المعيشة وبالتالي السياسات الألمانية الجديدة تجاه اللاجئين السوريين ليست في مكانها ونتمنى أن يعيدوا النظر فيها".

والد (ر.ف) يؤيد ابنه فيما ذهب إليه، والفرحة تغمره برؤية ابنه بعد غياب دام 12 عاماً، قائلاً: "هناك (في ألمانيا) يحصل على أجر محترم يعيش منه مع أفراد عائلته، ويساعدنا هنا أيضاً. حالياً إذا عاد ربما يجد عملاً ولكن أجره لن يكفي عائلته فقط". ويضيف: "الأحب إلى قلبي أن يعود ويعيش بجانبي وعندما يتحسن الوضع الاقتصادي لن أسمح له بالبقاء هناك".

في المقابل، هناك لاجئون سوريون في ألمانيا عادوا عودة دائمة إلى وطنهم بعد سقوط نظام الأسد. من هؤلاء (أ.ع) البالغ من العمر نحو 60 عاماً، الذي أعرب عن سرور كبير بعودته ليعيش ما تبقى من عمره في وطنه الذي غادره مع أولاده إلى ألمانيا مجبراً في العام 2012 بسبب ممارسات النظام من قتل واعتقالات وإذلال ومصادرة أملاك. يوضح الرجل أنه فضل بقاء أولاده الثلاثة في ألمانيا للعمل هناك "من أجل تأمين معيشة عائلاتهم ومعيشته هو في سوريا لأن الأوضاع المعيشية والاقتصادية هنا مازالت صعبة للغاية"، ويضيف: "أؤكد أنني لا أرغب في أن أعيش أنا وأولادي في بلد آخر ولكن لا يوجد لدينا خيار آخر".

من وجهة نظر (أ.ع) فإن الحكومة الألمانية في حال طبقت سياسة الترحيل، فإن ذلك سيكون فيه "إجحاف وظلم ليس للاجئين فقط بل لآلاف العائلات التي تعيش من الحوالات المالية التي يرسلونها، وبالتالي نتمنى على السلطات الألمانية عدم السير في سياسات كهذه أفقدت اللاجئين السوريين هناك النوم".

أظهرت بيانات حكومية حديثة أنّ ألمانيا كثّفت بشكل ملحوظ وتيرة عمليات الترحيل خلال الفترة منذ كانون الثاني، إذ تم ترحيل أكثر من 17,600 شخص، ما يمثل زيادة بنحو 20 بالمئة مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي. وذكرت تقارير أن ألمانيا تشهد منذ بداية العام 2025 تحوّلاً واضحاً في حركة اللاجئين السوريين، سواء من حيث تدفق الوافدين الجدد أم من العائدين إلى سوريا، في ظل سياسات تشدد على تنظيم الهجرة وتشجيع العودة الطوعية.

أصدر مكتب الإحصاء الاتحادي في مدينة فيسبادن تقريراً أشار إلى تراجع أعداد السوريين الوافدين إلى ألمانيا بنسبة 46.5 بالمئة خلال العام الجاري، مقابل ارتفاع عدد العائدين إلى بلادهم بنسبة 35.3 بالمئة. وسجّل التقرير أيضًا انخفاضاً ملحوظاً في طلبات اللجوء بنسبة 67 بالمئة إذ بلغت نحو 19,200 طلب حتى أيلول 2025 مقارنة بـ 58,400 طلب في الفترة نفسها من عام 2024.

في المقابل، ارتفع عدد السوريين الذين غادروا ألمانيا بنسبة 35,3 في المئة ليصل إلى 21 ألفاً و800 شخص، بعدما كان 16 ألفاً و100 خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وأوضحت البيانات أن صافي الهجرة تراجع إلى 18 ألفاً و100 شخص فقط، بعدما بلغ 58 ألفاً و500 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

مشاركة المقال: