الثلاثاء, 4 نوفمبر 2025 04:57 PM

قوة الامتنان: كيف تصنع كلمة "شكراً" فرقاً في حياتنا ومجتمعنا؟

قوة الامتنان: كيف تصنع كلمة "شكراً" فرقاً في حياتنا ومجتمعنا؟

كلمة "شكراً" تحمل في طياتها تقديراً للجهد المبذول واحتراماً للشخص الذي قدم المساعدة. الامتنان لا يكلف شيئاً ولكنه يمنح الكثير، فهو يزرع شعوراً بالرضا والاحترام المتبادل في النفوس.

غالباً ما نمر بمواقف يومية يقدم فيها الآخرون خدمات لنا، سواء في المؤسسات الحكومية، المحلات التجارية، أو حتى في أماكن عملنا. في مثل هذه المواقف، كلمة شكر صادقة أو ابتسامة تقدير يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً. فالموظف الذي يسمع كلمة امتنان يؤدي عمله بحماس أكبر، والذي يُقدر جهده يشعر بقيمة ما يفعله، مما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات وسير العمل. الشكر المتبادل يبني بيئة عمل يسودها الاحترام.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يتطلبه الأمر لترسيخ ثقافة الامتنان بين أبنائنا؟ وكيف يمكن أن يتحول التقدير إلى طاقة إيجابية تسري بين الأفراد، مما يزيد من روح التعاون والإنتاج؟ وما هي أهمية الامتنان في بيئة العمل وفي الحياة اليومية؟

الامتنان وقود النجاح

تؤكد الأخصائية الاجتماعية والتربوية الدكتورة سلوى شعبان في تصريح لـ"الحرية" أن المبادرة اليومية ببعض العبارات والكلمات الجميلة، المعبقة بالشكر والتقدير والمكللة بالمحبة والرحمة لمن يقدم عملاً أو فعلاً إيجابياً في الحياة، هو بناء وقوة ودعم واستمرارية للنجاح. هذا ما نسميه بثقافة الامتنان، وهي من مجموعة الأخلاق الراقية التي نسمو بها، والتي تنظم حياتنا وتعطيها رونق الانتعاش والتجدد وروح الإنسانية.

د. شعبان: الكلمة الطيبة تصنع المستحيل والامتنان طاقة إيجابية تغير بيئة العمل والحياة

وتضيف الدكتورة شعبان: ماذا لو كنا في بيئة عمل ضمن مؤسسة أو شركة تضم فريقاً متكاملاً من الأفراد باختصاصات متنوعة، وطبقت الإدارة هذه الثقافة وجعلتها شعاراً مرفوعاً للاحتفال والفخر بكل إنجاز وعمل مثمر يقدمه الموظفون تقديراً لهم ولجهودهم المعطاءة؟ حينها سنجد المردود أضعافاً مضاعفة، والإنتاج أفضل، والعلاقة بين الإدارة والموظفين في أرقى درجات الاحترام.

ترفع الالتزام والإنتاجية

وتتابع الأخصائية الاجتماعية: الكلمة الطيبة دواء عظيم يفوق المعجزات ويصنع المستحيلات ويترجم واقعاً ملموساً ناجحاً. فهناك بعض الموظفين، وخارج توقيت العمل، وعلى حساب راحتهم وبيوتهم، يعملون ويجتهدون لينهضوا ببيئة عملهم وينجزوا ما هو مطلوب منهم بأقل زمن ممكن، وكم هو رائع أن يجد هؤلاء كلمة شكر صادقة تشجعهم وتحفز الآخرين من زملائهم، فتظهر الغيرة الإيجابية ويتعزز التواصل الفعّال وتترسخ ثقافة الامتنان والشكر بين الجميع.

وتؤكد الأخصائية على أهمية وضع استراتيجيات وخطوات مدروسة داخل المؤسسات تعزز ثقافة الامتنان من خلال برامج تطوير وتقدير ودعم وتشجيع، تخلق بيئة عمل أكثر توازناً وإيجابية، وترفع من مستوى الالتزام والإنتاجية وحب العمل والمنافسة الشريفة لبناء الوطن.

من البيت تبدأ القيم

تشير الدكتورة شعبان إلى أن أساس ثقافة الامتنان يُغرس في البيئة المنزلية، فالأسرة هي الحاضنة الأولى التي تربي الأبناء على الوفاء والإخلاص واحترام الجهد.

وتوضح قائلة: كيف نربي أبناءنا ونعوّدهم على الوفاء والإخلاص والعمل بجدارة لأي مهمة أو واجب مطلوب منهم؟ سواء مع الإخوة في المنزل أو مع الرفاق في المدرسة أو في بيئة العمل لاحقاً، فالإحترام والتقدير والثناء ضرورة وواجب في أصول ومبادئ التربية، دون تمييز أو غيرة سلبية أو تفرقة أو ظلم أو مقارنة.

وتضيف: بل يجب أن ندفع أبناءنا لتلقي القدر الأكبر من الامتنان المترجم واقعياً ومادياً بحسب ظروف العائلة، من خلال الهدايا أو الرحلات أو كلمات التشجيع، هنا تترسخ هذه الثقافة ويفوح عطرها خارج المنزل، لتعطي الصورة الأجمل عن الأهل الذين ربّوا وغرسوا الخصال الحميدة، فيتحمل الأبناء المسؤولية وتزداد ثقتهم بأنفسهم وبأسرتهم، التي تبقى الداعم والسند والمأوى الدافئ لهم.

سلوك يزرع السعادة

تختتم الدكتورة سلوى حديثها بالقول: تقدير أي جهد يزيد الإبداع والعطاء والجمال ويضاعف الطاقة الإيجابية، فطرائق الامتنان الذكية تلعب دورها الفعال عندما نلامس أرواح وفكر الأشخاص المكافئين ببضع كلمات ملونة تدغدغ الروح وتبث العاطفة والمحبة وتصنع ذكريات لاحقة في ذاكرة الأبناء مهما كانت أعمارهم، ليأتي الزمن الذي يتذكرون فيه كيف تربوا وكيف سيعلّمون أبناءهم لاحقاً هذا الأدب والخلق الحسن.

وتضيف: السلوك قد يتجاوز الفعل ويعطي شعور السعادة والمحبة بسرعة، ويعزز باقي العواطف الإنسانية، فلتكن أفكارنا مقرونة بأفعالنا وأعمالنا لنجسد الصورة الأمثل أينما وجدنا وأينما كنا.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: