الإثنين, 17 نوفمبر 2025 01:15 AM

لجنة التحقيق في أحداث السويداء تكشف أبرز نتائجها وتؤكد: محاسبة المتورطين وضمان العدالة للضحايا

لجنة التحقيق في أحداث السويداء تكشف أبرز نتائجها وتؤكد: محاسبة المتورطين وضمان العدالة للضحايا

أكد رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث السويداء، القاضي حاتم النعسان، أن اللجنة تعقد مؤتمرها الصحفي التزاماً بواجبها القانوني في كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات وضمان العدالة للضحايا والمتضررين. وأشار إلى أن أحداث تموز الماضي في السويداء كانت مؤسفة، حيث طالت الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، ورافقها تهجير قسري وخطاب كراهية، مما يستدعي تحقيقاً فعالاً يلتزم بالمعايير القانونية.

وخلال مؤتمر صحفي عقده اليوم، استعرض النعسان الإطار القانوني لعمل اللجنة ومنهجيتها المبنية على الاستقلالية والحياد والشفافية، بالإضافة إلى أبرز الأعمال المنجزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومسار التحقيقات الحالية، والالتزامات المقبلة وفي مقدمتها استكمال الملفات الميدانية وتعزيز المسار القضائي.

وأوضح النعسان أن اللجنة تستند في مهامها إلى القرار رقم /1287/ لعام 2025 الصادر عن وزير العدل، وإلى القوانين الوطنية وفق المادة 51 من الإعلان الدستوري، إضافة إلى الاتفاقيات الدولية المصدق عليها من قبل الجمهورية العربية السورية بوصفها جزءاً من التشريع الوطني وفق المادة 18 من الإعلان الدستوري.

وأشار إلى أن ولاية اللجنة تشمل التحقيق في الجرائم استناداً إلى قانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949، والمادة 12 من الإعلان الدستوري، مع تطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع، ومبادئ الضرورة والتمييز والإنسانية والنسبية. وبين أن اللجنة وضعت منهجية عملها بما ينسجم مع معايير الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق، وتتضمن كشف ملابسات الأحداث وظروفها، وفتح تحقيق فعال في ادعاءات الانتهاكات الجسيمة وتلقي الشكاوى وتحديد هوية المشتبه بهم وإحالة قوائمهم إلى القضاء، وتحديد المسؤوليات الفردية عن الجرائم سواء كانت مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة، وضمان عدم الإفلات من العقاب ومحاسبة كل من يثبت تورطه، وإصدار توصيات قانونية لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث والانتهاكات في مناطق أخرى من سوريا.

كما أوضح أن اللجنة تشدد على الالتزام بمبادئ أساسية تضبط مسار عملها، وتشمل عدم الإضرار بالضحايا أو الشهود أو العاملين، والمساهمة في تعزيز المصالحة الوطنية، والاستقلالية ورفض أي توجيهات خارجية، فضلاً عن الحياد والتعامل المتوازن مع جميع الأطراف، والشفافية في حدود لا تضر بسير التحقيق وسلامة الشهود، والموضوعية في تقييم الوقائع والمعلومات، إضافة إلى السرية فيما يتعلق بالبيانات والمداولات، والمصداقية وكسب ثقة الضحايا والشهود دون تقديم وعود غير قابلة للتحقيق.

وفيما يتعلق بالأعمال المنجزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أوضح رئيس اللجنة أنه تمت زيارة مواقع الاعتداءات وتوثيقها باستخدام التحليل الجنائي، إضافة إلى تجمعات المهجرين في ريف دمشق (السيدة زينب، جرمانا، أشرفية صحنايا، دوما)، وريف إدلب (قرى جبل السماق)، ومحافظة درعا (درعا المدينة، إزرع، بصر الحرير، بصرى الشام)، وريف السويداء (الرخم، سكاكة، قرى طريق اللوا، المزرعة، ريم حازم، ولغا)، وعدد من المشافي في دمشق وريفها ودرعا، وجمعت الأدلة المادية وحددت أنماط الهجمات ومسارات الاعتداء.

وبيّن النعسان أن اللجنة استمعت إلى إفادات وزراء ومسؤولين حكوميين وشخصيات عامة ورجال دين من جميع الأطياف وأهالي المنطقة، إضافة إلى الاستماع لأولياء الدم والمهجرين والمتضررين والناجين، كما تابعت حالات الموقوفين والمفقودين والمختطفين، محققة نتائج إيجابية في بعض الملفات.

وأشار إلى أن اللجنة طلبت توقيف عدد من عناصر الجيش والأمن ومدنيين مشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين، وحققت معهم تمهيداً لإحالتهم للقضاء المختص، فضلاً عن استماعها إلى شهود سريين وأجرت مقابلات عبر وسائل الاتصال لضمان تغطية أوسع. واستعرض رئيس اللجنة الإحصائيات التي أجرتها اللجنة خلال مدة عملها، مبيناً أن اللجنة أجرت 156 استمارة شهود، و434 استمارة ضحايا، و53 استمارة أقارب الضحايا، كما أن الإفادات الموثقة 495، و93 إفادة لمتضررين محايدين، فضلاً عن الاستماع لعدد من الأطباء الشرعيين والعسكريين والأمنيين المشاركين في العمليات، إضافة إلى تحرير 66 مختطفاً.

ولفت النعسان إلى أن عمل اللجنة شمل تدقيق المقاطع المصورة وتحديد أماكنها وأوقاتها، ومقارنتها بالشهادات والتقارير الميدانية، وإعادة بناء تسلسل الأحداث من قبل فريق تقني مختص.

وأوضح أن اللجنة تواصل في المرحلة الحالية تحقيقاتها للوصول إلى الحقيقة كاملة ومنع تكرار الانتهاكات، وتعمل على بناء الثقة بين الأطراف، كما تضع التكييف القانوني النهائي للانتهاكات وفق قانون العقوبات السوري، وتدقق تناسق الأدلة لضمان متانة الملف القضائي.

وأشار رئيس اللجنة إلى أن اللجنة ستطلب تمديد مدة عملها نظراً لوجود تحديات حالت دون إنجاز كامل المهام ضمن الإطار الزمني السابق، وفي مقدمتها عدم القدرة على استكمال الأعمال الميدانية داخل محافظة السويداء بشكل كامل، إضافة إلى اتساع نطاق الانتهاكات وتعدد مرتكبيها، كما ستواصل تلقي الأدلة وتوسيع نطاق التحقيق عند الحاجة، والتعاون مع النيابة العامة في مرحلة الملاحقة القضائية، إضافة إلى استكمال التقرير النهائي ورفعه إلى وزير العدل.

وشدد على أن ما جرى في السويداء جريمة طالت المجتمع السوري بأسره، وأن التحقيق فيها مسار وطني يهدف إلى تثبيت الحقيقة وضمان العدالة ومنع تكرار الانتهاكات، مجددة التزامها بحقوق الضحايا دون استثناء.

وفي رده على أسئلة الصحفيين، شدد رئيس اللجنة على أن اللجنة تعمل باستقلالية كاملة، مشيراً إلى أن التواصل مع أهالي السويداء تم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بناءً على رغبتهم بعد تعميم أرقام اللجنة على نطاق واسع، ما أتاح تقديم الشهادات والتعاون مع فريق التحقيق، إضافة إلى التنسيق المتواصل مع محافظ السويداء لتلبية احتياجات الأهالي.

وأوضح النعسان أن التحقيقات ما زالت مستمرة للوصول إلى الأرقام النهائية للضحايا والمفقودين، مشدداً على أن تعليمات وزارة الدفاع أكدت اقتصار المشاركين في العمليات على العناصر من السوريين المتطوعين في الجيش والأمن فقط، وجرى توقيف المخالفين لهذا الإجراء.

بدوره، أكد المتحدث باسم اللجنة عمار عز الدين، في رده على سؤال مراسل سانا حول مطالب البعض بتشكيل لجنة تحقيق دولية، أن اللجنة تحترم حقوق الضحايا ومخاوف الأهالي المشروعة، وتتابع عملها ضمن الصلاحيات القانونية لتحقيق العدالة، لافتاً إلى أن اللجنة حصلت على عدد كبير من الشهادات خلال الأشهر الماضية، وأن عملها يكتسب استقلاليته من منهجيتها وشفافيتها ونتائجها التي ستُعرض أمام وزارة العدل والرأي العام.

وأشار عز الدين إلى أن اللجنة تعمل وفق معايير اللجان الدولية، وتقريرها النهائي سيكون وفق هذه المعايير وستثبت النتائج أن التحقيق لا يقل مهنية عن عمل أي لجنة دولية، مبيناً أن التعاون مع لجنة التحقيق الدولية منذ بدء العمل يؤكد جدية الدولة السورية في المحاسبة والمساءلة.

وشدد عز الدين على أن ما جرى تداوله من تحريض عبر وسائل التواصل لا يرقى إلى مستوى خطاب الكراهية المعرف في الإعلان الدستوري، وأن التحريض اقتصر على أشخاص محدودين على وسائل التواصل، مبيناً أن اللجنة تتابع قانونياً كل من يثبت تورطه في خطاب الكراهية أو التحريض الطائفي، بالتوازي مع جهود التوعية القانونية، ولفت إلى توقيف عدد من عناصر الدفاع والداخلية وأشخاص أثاروا الجدل على مواقع التواصل ممن يشتبه بارتكابهم انتهاكات، وقال: “كل من يثبت قيامه بانتهاكات سوف يحاسب وفق القانون السوري”.

وأوضح المتحدث باسم اللجنة أن عمل اللجنة يتمتع بصلاحيات مفتوحة وواسعة منحها الرئيس أحمد الشرع، حيث تم الاستماع لقادة عسكريين من الصف الأول، مشيراً إلى أن عمل اللجنة ينتهي بإحالة المتهمين إلى القضاء، وأن محاسبتهم هي من اختصاص القضاء السوري المستقل.

اخبار سورية الوطن 2_سانا

مشاركة المقال: