رغم تحسّن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار ليصبح ما دون 10 آلاف ليرة، بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول الماضي، بالمقارنة مع أكثر من 15 ألف ليرة لكل دولار قبل سقوطه، غير أن أسعار بعض السلع والخدمات الأساسية في سوريا ما تزال مرتفعة مقارنة بتحسن سعر صرف الليرة، مما يشكل عبئاً مضافاً على السوريين، ولا سيما موظفي القطاع العام، وأولئك الذين يعتمدون في مصروفاتهم والتزاماتهم على الحوالات الخارجية التي يرسلها إليهم أبناؤهم وأقاربهم المهاجرون.
وذكر موقع "الجزيرة نت" أن السلع الغذائية المنتجة محلياً من أجبان وألبان ومعلبات ومنتجات للأطفال كانت أقل السلع تأثراً بالتحسن الذي شهده سعر صرف الليرة مؤخراً، إذ حافظت بعض هذه السلع على أسعارها التي كانت عليها قبل نحو شهر عندما كان سعر صرف الدولار يعادل 12 ألف ليرة. وتليها بضائع مصنعة محلياً مثل الألبسة، والأدوات الكهربائية والصحية، والأدوية، وخدمات عديدة مثل المطاعم والفنادق والعيادات الطبية.
وبيّن مدير دائرة الإعلام في وزارة الاقتصاد والصناعة السورية، حسن الأحمد، في تصريح للموقع، أن التحسن في سعر صرف الليرة من الطبيعي أن يواكبه انخفاض تدريجي في الأسعار مشيراً إلى وجود تراجع ملحوظ في أسعار بعض السلع والخدمات، وخصوصاً في القطاعات التي تعتمد على مدخلات محلية وتخضع للمنافسة الفعلية. غير أن الأحمد استدرك قائلاً إن هذا التراجع لا يشمل جميع القطاعات، فما تزال الأسعار مرتفعة في قطاعات على رأسها الصناعات الغذائية وخدمات المطاعم وقطاع الألبسة، مرجعاً ذلك إلى جملة من العوامل، أبرزها اختلال العرض والطلب، وارتفاع تكاليف التشغيل، وتفاوت جودة الخدمات المقدمة. وقال: "السوق لا يستجيب فوراً وبشكل متساوٍ في جميع المجالات".
وحول دور الحكومة في ضبط الأسعار، أوضح الأحمد أن الدولة بتوجهها نحو اقتصاد السوق الحر التنافسي، فإن وزارة الاقتصاد والصناعة لا تتدخل في فرض الأسعار، بل تركز على ضمان بيئة سوق عادلة وشفافة، إذ تُحدد الأسعار بناء على التكلفة والجودة وحجم الطلب، لا على قرارات إدارية. وأكّد أن دور الوزارة "يقتصر على ضبط الإطار العام للسوق، ومنع الاحتكار والمغالاة، وتشجيع المنافسة وزيادة العرض، حتى تصبح الأسعار أكثر توازناً واستقراراً بشكل طبيعي، وضمن منطق السوق".
من جهته أشار الخبير الاقتصادي أدهم القضيماتي في تصريح لـ "الجزيرة نت"، أن هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دوراً في ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها: غياب اقتصاد حقيقي يقوم على أسس اقتصادية متينة، لافتاً إلى أن المؤسسات الاقتصادية في البلاد تعاني من إنهاك شديد منذ عهد النظام السابق، وهو ما يحدّ من قدرتها على إدارة الاقتصاد، رغم وجود جهد ملحوظ تبذله الحكومة السورية لمحاولة تمكين هذه المؤسسات من أداء دورها. وأضاف أن من ضمن الأسباب هو تقلّب أسعار الصرف نتيجة المضاربات في السوق الموازية، وهو ما يلقي بظلاله على أسعار السلع والخدمات، إذ تُسعَّر معظم المواد وفق هذه التغيرات غير المستقرة. كما اعتبر أن غياب الإنتاج المحلي الكافي خاصة في السلع الغذائية الأساسية، من الأسباب التي تحول دون تحقيق الاكتفاء الذاتي ويجعل الأسواق المحلية مرتهنة للأسعار العالمية، ناهيك عن أن أغلب السلع مستوردة من الخارج مما يجعلها أكثر عرضة لتأثيرات التقلبات الخارجية، لا سيما في ظل غياب ثبات حقيقي في سعر الصرف.