الأحد, 4 مايو 2025 06:34 PM

مؤتمر كردي في القامشلي يثير الجدل: هل يهدد وحدة سوريا أم يطرح رؤية للحل؟

مؤتمر كردي في القامشلي يثير الجدل: هل يهدد وحدة سوريا أم يطرح رؤية للحل؟

دمشق/ القامشلي – نورث برس

دعت الوثيقة السياسية لمؤتمر “وحدة الصف الكردي” المنعقد في 26 نيسان/ أبريل الفائت، في القامشلي بشمالي سوريا، إلى الإقرار الدستوري بالوجود القومي للشعب الكردي وضمان حقوقه دستورياً، وتوحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية متكاملة في إطار سوريا اتحادية. طالب المجتمعون عبر الوثيقة السورية في المؤتمر المنعقد برعاية أميركية وفرنسية، بمطالب سورية كشكل الحكم في الدولة السورية وضمان العدالة الاقتصادية، ومطالب أخرى كردية.

لكن سرعان ما أعلنت الرئاسة السورية أن مخرجات المؤتمر تتعارض مع الاتفاق المبرم بينها وبين قيادة قوات سوريا الديمقراطية، وأثير الكثير من الجدل عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان الكرد يدعون إلى الانفصال عن سوريا. على الجانب الشمالي لسوريا، أغضب المؤتمر الأتراك وقال زعيم حزب الحركة القومية التركي، ، إن “المؤتمر الذي تم تنظيمه بدعم من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، صدرت عنه قرارات ضد وحدة وسلامة الأراضي السورية”.

“مطالب وطنية”

يعتبر ميداس أزيزي، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، أن الآراء والمواقف التي ظهرت بعد الإعلان عن الرؤية السياسية الكردية في سوريا ما هي إلا “افتراءات”. ويرى في تصريح لنورث برس، أن الموقف الصادر عن الرئاسة السورية حول الرؤية السياسية الكردية “يتضمن افتراءات عديدة دون الرجوع إلى مضامين الرؤية، علماً بأنها تناولت قضايا وطنية سورية من خلال مسار حل القضية الكردية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والرؤية المستقبلية لسوريا”.

وأوضح أن الحديث عن اللامركزية ليس مطلباً كردياً بحتاً، بل مطلباً سورياً عاماً، “لكن من الواضح أن هناك إصراراً على شيطنة المطالب الكردية”، وفق قوله. وأشار أزيزي، الذي شارك في أعمال الكونفرانس، إلى أن الكرد جزء من سوريا، ومطالبهم مطالب سورية، “لذلك من المفترض أن تدافع القوى الوطنية التي تدّعي الديمقراطية عن هذه المطالب كونها تشارك في رسم مستقبل سوريا”، على حد قوله.

ويرى أن “الحملات التضليلية التي رافقت الكونفرانس لم تهدف إلى مناقشة مضمون الرؤية السياسية الكردية، بقدر ما كانت تعبيراً عن انزعاج وعدم رضا من فكرة الوحدة الكردية”. ويعتقد القيادي في “التقدمي” أن الوحدة الكردية هي الأساس في رسم السياسات الكردية، وكذلك في تحديد شكل سوريا المستقبلية.

“توقيت غير مناسب”

في المقابل، يرى محمد العمري، الباحث والمحلل السياسي السوري، أن المطالب والعناوين التي خرجت عن المؤتمر الكردي، “جاءت في توقيت غير مناسب، وقد تهدد الاتفاقية المبرمة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية”. ويقول العمري في تصريح لنورث برس: “في ظل وجود تفاهمات جارية بين السلطات السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية حول ترتيبات لدمج هذه القوات في الجيش السوري، واستعادة الدولة لسيادتها على مناطق الشمال الشرقي من البلاد، لم يكن انعقاد المؤتمر مناسباً”.

ويضيف: “هذه المطالب يجب أن تُطرح في إطار الحوار الوطني وضمن الميثاق الدستوري، ولا يمكن لأي مكون سوري أن يفرض رؤيته على بقية المكونات ما لم تكن هناك موافقة جماعية”. ويحذر العمري من توظيف المطالب التي تبناها المؤتمر سياسياً، معتبراً أن ذلك قد يؤدي إلى ردود فعل من مكونات أخرى تطالب بدورها بحقوق إضافية خارج إطار الحوار الوطني، مما يعقّد إمكانية الوصول إلى حل سياسي.

ويرى أن “العناوين التي وردت في المؤتمر تحمل طابعاً إيجابياً في مجملها، لكن قضايا مثل اللامركزية والفيدرالية يجب أن تُترك لإرادة جميع السوريين، وإلا فإن ذلك يعد محاولة لفرض رؤية سياسية أحادية”. ويوضح أن الأفكار المطروحة في المؤتمر الكردي ليست جديدة، “فقد سبق لقسد أن عبّرت عنها، غير أن الرفض كان يأتي دائماً من النظام السياسي السابق ومن قطاعات من المجتمع السوري، لا تزال تطالب بالحفاظ على مركزية الدولة، مع إمكانية منح صلاحيات أوسع للمناطق ضمن قانون الإدارة المحلية، بما يمكنها من تجاوز البيروقراطية والمركزية الشديدة في صنع القرار”.

ويشير العمر إلى أنه “سنواجه تحدياً خطيراً في حال إصرار القوى الكردية على المطالب التي تمخض عنها المؤتمر؛ فالتمسك بتلك المخرجات قد يعرض الاتفاق القائم بين دمشق وقسد للخطر، وربما يؤدي إلى تدخل إقليمي، ويعيد المنطقة الشمالية الشرقية إلى مرحلة العنف، بما في ذلك احتمال شن اعتداءات جديدة من قبل تركيا أو الفصائل المدعومة منها”.

“خارطة طريق”

من جانبه، يقول سيهانوك ديبو، ممثل الإدارة الذاتية في الخليج العربي، إن المؤتمر الكردي جاء لتوحيد الرؤية الكردية تجاه القضية الكردية وعموم الأزمة السورية. ويضيف ديبو، الذي شارك في فعاليات المؤتمر، أن “كل المخرجات تؤكد على وحدة سوريا، ومن غير الممكن أن تنفصل أو تنقسم عن واقعها، بل على العكس، فقد قدم الكرد في مؤتمرهم الأخير خارطة طريق فاعلة تتميز بالحيوية لحل الأزمة السورية”.

ويشير إلى أن الكرد من خلال هذا المؤتمر “يؤكدون على تشكيل هوية سورية جامعة تستند إلى منطلقات وقيم الجمهورية السورية، وطرح مسألة الانتماء إلى سوريا بطريقة غير مسبوقة بين مختلف مكوناتها”. ويرى  أن ما تم ذكره في الرؤية الكردية حول الانتماء إلى سوريا يدحض كل المزاعم والتشكيك في هذه الوثيقة، “وكان من المفترض دعم المطالب الكردية بدلاً من مواجهتها، إلا أننا نرى أن هناك من يمارس سياسة منفصلة عن الواقع ويكرّس واقع التقسيم الذي تسعى الإدارة الذاتية إلى إنهائه من خلال تقديم نموذج للاستقرار والديمومة واستعادة دورها”، بحسب قوله.

إعداد: نالين علي/ نورمان العباس – تحرير: عبدالسلام خوجه/ عكيد مشمش

مشاركة المقال: