في كل مرة تثبت “سوريا” تفوقها الخدمي (الافتراضي) على الدول الغربية التي تدّعي التطور والتقدّم العلمي، ثم ينكشف أمرها بسهولة أمام الأزمات التي تواجهها.
سناك سوري _ فخري السوري
حيث شهدت “إسبانيا” و”البرتغال” منذ يوم أمس انقطاعاً واسعاً للتيار الكهربائي وتعطّلاً لشبكات النقل وخدمات الإنترنت في المدن الكبرى، لكن الغريب أن السلطات الإسبانية أعلنت أنها لا تعرف سبب هذا الانقطاع. وقال رئيس الوزراء الإسباني أن 60% من حاجة “إسبانيا” للكهرباء اختفت خلال 5 ثوانٍ نتيجة انقطاع التيار لأسباب لا تزال مجهولة.
في حين، قال نائب وزير التماسك الإقليمي في “البرتغال” “مانويل كاسترو إلميدا” إن السلطات أطلقت تحقيقاتها في احتمال أن يكون الانقطاع ناتجاً عن هجوم إلكتروني.
مساكين هؤلاء الأوروبيون، إذ ينقطع عنهم التيار الكهربائي ويغفلون عن السبب ويضيعون وقتهم لكي يحزروا العوامل التي أدت إلى تلك “الكارثة”، والأسوأ أن خدمات النقل والإنترنت لديهم تنقطع مع انقطاع الكهرباء.
في المقابل، ينعم السوريون بمسؤولين على قدر المسؤولية يملكون من الصراحة والشفافية والمعرفة ما لا يملكه مسؤولو الغرب الأوروبي، فيكفي أن تكتب عبر غوغل “سبب انقطاع الكهرباء في سوريا” لتظهر أمامك قائمة لا تنتهي من الأخبار والتصريحات والتحليلات لتعريفك إلى الأسباب التي لا تنتهي أيضاً، من نقص الغاز والفيول اللازم لتشغيل محطات التوليد، إلى حاجة لصيانة وتأهيل المحطات، إلى الهجمات المتعمدة التي تضرب المحطات، إلى الأعطال المتكررة، إلى التعطّل بسبب العوامل الطبيعية من عواصف وأمطار، إلى ما تشاء من أسباب (انت نقّي واستحلي، ومو مهم انو الكهربا مقطوعة المهم انو منعرف السبب مو متل الإسبان).
كما أن المواطن السوري لا يتأثر بانقطاع الكهرباء في وسائل النقل العامة، فباصات النقل الداخلي الخضراء الجميلة لا تأبه بوجود كهرباء وتتابع عملها في نقل آلاف المواطنين المتلاحمين في مقاعدها تعبيراً عن وحدتهم الوطنية وصولاً إلى آخر خط الباص.
أما على صعيد الإنترنت، فهل نحتاج لانقطاع الكهرباء كي نخسر الإنترنت؟ لا يا حبيبي لسنا إسبان لتمرّ علينا هذه الحيلة، نحن أصلاً لا نحظى بإنترنت سريع إلا في الأعياد والمناسبات الرسمية، لكننا في المقابل نعرف الأسباب ولدينا تشكيلة واسعة منها ( الكبل انسرق، الكبل البحري عضّو القرش، صيانة ، عمل تخريبي، الطقس سيء، امتحانات الشهادتين، ، التصحّر، هجرة الريف إلى المدينة .. إلخ).
وبعد كل هذا الفارق الشاسع في الخدمات والشفافية الحكومية يأتي شخص جاهل ليخبرنا عن تقدّم الغرب وفوائد الحكومات الإلكترونية بدلاً من ملفاتنا الورقية الأصيلة وعن الدفع الإلكتروني بدل أوراقنا النقدية الصامدة، وعن السيارات الكهربائية بدلاً من سياراتنا العاملة على بنزيننا الوطني التي تمنح الوطن غيوماً تزيّن شوارعه وسماءه، ويحاول أن يثبت لنا نجاح الأوروبيين مقابل التجربة السورية الفريدة (بس انتو ما مقدّرين النعمة اللي انتو فيها).