تعتبر مقبرة حطين، الكائنة في قلب مدينة الرقة، معلماً بارزاً يختزن ذاكرة المدينة ويضم رفات الأجداد. إلا أن المقبرة التاريخية تعرضت لعمليات تخريب واسعة النطاق خلال فترة سيطرة تنظيم داعش، حيث طال التخريب القبور والنقوش والآثار، مما أثار صدمة لدى سكان المدينة الذين يعتبرونها رمزاً لتاريخهم وإرثهم الإنساني.
وعلى الرغم من مرور سنوات على تحرير الرقة من قبضة التنظيم، لا تزال المقبرة تعاني من إهمال واضح يتجلى في غياب أعمال الترميم والتنظيم، الأمر الذي يزيد من استياء الأهالي. يقول عقبة العلي (45 عاماً) في تصريح: "مقبرة حطين ليست مجرد مكان للدفن، بل تمثل سجلاً حياً لتاريخ المدينة وذاكرتها. التخريب الذي أحدثه داعش كان مدمراً، لكن استمرار الإهمال اليوم يهدد وجود المقبرة بشكل أكبر."
ويوضح عمر علي (37 عاماً) من سكان الأحياء المجاورة: "كنت أتابع بألم كيف تحولت المقبرة التي تضم قبور أجدادي إلى مكان مهجور ومخرب. تنظيم داعش دمّر ما استطاع، واليوم نرى الحجارة مهدمة والطرق المؤدية متصدعة، ما جعل المكان عرضة لدخول المتسولين والحيوانات بلا رقيب."
وتؤكد الحاجة فاطمة محمود، وهي من سكان الرقة، أن الإهمال الراهن لا يقل خطورة عما ارتكبه التنظيم: "الحكومات المحلية لم تبذل أي جهد لصيانة المقبرة أو إصلاح أضرارها. نخشى أن يؤدي هذا التقصير إلى اندثار هذه المعالم التاريخية التي تشكل جزءاً من هويتنا."
ويشير الأهالي إلى أن غياب الدعم والتمويل اللازمين لأعمال الترميم والتنظيف وإعادة التنظيم، إضافة إلى ضعف الوعي بأهمية حماية الأماكن الأثرية، كلها عوامل ساهمت في تفاقم وضع المقبرة. كما أن الطرق والممرات المحيطة بها متصدعة وغير صالحة للاستخدام، ما يعيق وصول الزوار ويفتح المجال أمام مزيد من العبث والتخريب.
وفي ختام شهاداتهم، دعا المواطن عبد الله جواد إلى تحرك عاجل لحماية المقبرة قائلاً: "مقبرة حطين ليست ملكاً لنا وحدنا، بل هي إرث للأجيال القادمة. فقدانها يعني خسارة جزء من تاريخنا وهويتنا."
إن واقع مقبرة حطين اليوم يعكس التحديات التي تواجه صون التراث في مناطق أنهكتها النزاعات والحروب، لكنه في الوقت ذاته يشكل نداءً ملحاً لضرورة التحرك الجاد لإعادة الاعتبار لهذه الرموز التاريخية والإنسانية.