الخميس, 12 يونيو 2025 12:30 PM

ملف الإيداعات السورية في لبنان: خبراء يقترحون "خريطة طريق" لاستعادة مليارات الدولارات المجمدة

عاد الحديث عن إيداعات السوريين في البنوك اللبنانية "شركات وأفراداً"، إلى كواليس أوساط قطاع الأعمال، وأحياناً إلى الواجهات.. فالأرقام ليست بالقليلة، وهي بعشرات مليارات الدولارات "التقديرات تتحدث عن 40 – 50 مليار دولار". ويتصدّر هذا الأمر واجهة الاهتمامات – ولو غير المعلنة – لكل المودعين كما المعنيون بحلحلة هذا الملف المعقّد، فإلى أي حد يبدو الاسترداد ممكناً ..وما هي الصيغة الممكنة لذلك ؟

مطلب قانوني

يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، أن مطلب استرداد الحسابات المجمدة للسوريين في لبنان يُعدّ مشروعاً قانونياً، إذ يحق للمودعين استعادة أموالهم المُجمَّدة منذ الأزمة اللبنانية (2019)، خاصة أن جزءاً كبيراً منها يعود لرجال أعمال سوريين قد يشكّلون دافعاً للاستثمار في سوريا حال استردادها.

د. قوشجي: مطلب استرداد الحسابات المجمدة للسوريين في لبنان يُعدّ مشروعاً قانونياً

لكن الربط المباشر بين هذا الملف وتجميد أموال لبنانية في سوريا يُعتبر غير قانوني، كما إنه من الناحية الاستثمارية يُعدّ إجراءً طارداً لرأس المال الأجنبي، ويُضرّ بمناخ الاستثمار في سوريا.

ملف صعب

إلا أن الدكتور قوشجي يلفت في تصريحه لصحيفتنا "الحريّة"، إلى بعض الصعوبات العملية لاسترداد أموال المودعين السوريين في البنوك اللبنانية، ويشير إلى أن تنفيذ هذا المطلب يواجه عقباتٍ كبيرة، أبرزها الانهيار الاقتصادي في لبنان حتى لو وافقت الحكومة اللبنانية مبدئياً على الاسترداد، فإنها تفتقر إلى السيولة اللازمة (احتياطيات الدولار محتجزة للودائع الكبيرة). ومع غياب الآليات القانونية الملزمة لاستعادة الأموال دون وساطة دولية أو ضغط فعّال.

خيارات الحلّ

يقترح د. قوشجي "خريطة طريق" لمعالجة ملف الإيداعات السورية في لبنان.. ويرى أن الأمر ممكن أن يتم عبر عدة خيارات..

تنفيذ هذا المطلب يواجه عقباتٍ كبيرة أبرزها الانهيار الاقتصادي في لبنان حتى لو وافقت الحكومة اللبنانية مبدئياً على الاسترداد

أولها.. المفاوضات الثنائية.. أي تشكيل لجان مشتركة مع لبنان، وإدراج الملف ضمن أي اتفاقيات اقتصادية مستقبلية ويجب ربط الملف بحركة المعابر الحدودية والتبادل التجاري كأوراق ضغط.

الخيار الثاني.. التدويل القانوني، وعبر هذا الخيار يمكن اللجوء إلى المحاكم الدولية، لكن ذلك يتطلب وثائق مالية قوية (كشف حسابات موثق). والمطالبة بتفعيل عقوبات على المصارف اللبنانية في حال عدم الامتثال.

دور المركزي

في سياق ضبابية المعطيات التي ينطوي عليها الملف، يبدو ثمة دور لمصرف سوريا المركزي، ولاسيما أن الجميع يدرك أن هناك دوراً مفترضاً للمصرف المركزي بعد رفع العقوبات، وهنا يجد الخبير المصرفي أن على "المركزي" جمع بيانات المودعين السوريين من المصارف اللبنانية، والتنسيق مع البنك المركزي اللبناني لإنشاء صندوق تعويضات (تمويله عبر قروض دولية أو أصول لبنانية مجمدة)، ويمكن إنشاء صندوق استثماري سوري- لبناني يُوجّه لمشاريع استثمارية يمولها مصرف لبنان بسندات خزينة لمدة عشر سنوات مقابل الودائع المجمدة البنية، ما يُقلل الضغط على السيولة النقدية.

تدويل الملفّ

يتحدث بعضهم عن ضرورة الربط بين تجميد استثمارات لبنانية في سوريا واسترداد الأموال.. إلا أن الخبير قوشجي يرى أن ذلك غير قانوني وقد يُعقّد الملف، كما إن الحكومة السورية غير قادرة وحدها على حل الملف من دون ضغط دولي أو آلية تمويل واضحة، ورفع العقوبات عن سوريا قد يُسهّل التفاوض، لكن غياب خطة واضحة قد يُفوت الفرصة.

تشكيل لجان مشتركة مع لبنان، وإدراج الملف ضمن أي اتفاقيات اقتصادية مستقبلية ويجب ربط الملف بحركة المعابر الحدودية والتبادل التجاري كأوراق ضغط

وبالعموم يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن الحل الأمثل يكمن في مزيج من الضغط الدولي والمفاوضات الثنائية، مع استغلال أي تعاون اقتصادي مستقبلي مع لبنان لتحقيق مكاسب تدريجية، مع ضرورة تفعيل القضاء الدولي عند الاقتضاء.

الفيومي: هذا الطرح ليس في مطرحه بالوقت الحالي والدولة الناشئة حالياً تسعى جاهدة بكل مقدراتها لجلب استثمارات خارجية ودعم الاستثمارات الداخلية

ليس الوقت المناسب

من جانبه يرى الخبير المالي والمصرفي أنس الفيومي، أن هذا الطرح ليس في مطرحه بالوقت الحالي، والدولة الناشئة حالياً تسعى جاهدة بكل مقدراتها لجلب استثمارات خارجية ودعم الاستثمارات الداخلية، وهذا ما تم طرحه عبر التصريحات الأخيرة لرئيس الدولة.. حيث أكد أن هناك مشروع قانون استثمار جديداً مبشر بسهولة إجراءاته وهو قريب جداً، وما جولاته بين عدد من الدول إلا سعي كبير لجلب مزيد من الاستثمارات … وكما يقول المثل الجار الأقرب أولى بالرعاية فإن لبنان بما فيها من رؤوس أموال كبيرة وتوفير في عوامل الاستثمار نتيجة قربها الجغرافي، لذلك ربط موضوع مختلف بأسبابه وظروفه ومعطياته مع موضوع تشجيع الشركات اللبنانية لايبدو محقاً على الأقل ضمن الظروف الحالية لاحتياجات المرحلة القادمة.

يجب أن تتم مناقشة هذا الموضوع على مستوى قيادة البلدين وليس بطريقة الضغط التي يطرحها البعض

حوار رفيع المستوى

الفيومي يلفت إلى أن المصارف اللبنانية لها خصوصية تختلف عن باقي قطاعات الدولة فيها، وهناك وعود طرحت منذ فترة حول موضوع معالجة الأموال المحتجزة فيها، والتي يرى أن تتم مناقشة هذا الموضوع على مستوى قيادة البلدين وليس بطريقة الضغط التي يطرحها البعض ..كما يرى أن "المركزي السوري" يمكن أن يكون له دور أساسي في هذا الموضوع باعتبار أن هناك شراكات مع مصارف خاصة محلية ترتبط بالمصارف اللبنانية كالبنك الأهلي وفرنسبنك.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: