الأربعاء, 29 أكتوبر 2025 12:43 AM

من رحم المعاناة إلى التمكين: مبادرة "بيت النظافة" النسائية تضيء إدلب بالأمل

من رحم المعاناة إلى التمكين: مبادرة "بيت النظافة" النسائية تضيء إدلب بالأمل

في مدينة إدلب، حيث تشتد وطأة الظروف على النساء المعيلات جراء تبعات الحرب وفقدان أفراد الأسرة، بزغت مبادرة إنسانية باسم "بيت النظافة" لتوفير بيئة عمل آمنة وملاذاً كريماً لنساء الشهداء والمعيلات، ساعيةً إلى دعمهن في تأمين سبل العيش بكرامة وتعزيز شعورهن بقيمتهن والاعتماد على الذات.

المشروع، الذي أطلقه فريق الحياة التطوعي، يجسد روح التكافل الاجتماعي ويقدم نموذجاً تطبيقياً لكيفية تحويل الألم إلى طاقة إيجابية. يقوم المشروع على فكرة بسيطة وفعالة، وهي تجهيز مكان عمل متكامل يضم عشر نساء يعملن في مجالات مختلفة من خدمات النظافة، تشمل غسيل وكي الملابس، وتنظيف المنازل، وغسيل الحرامات والسجاد، ضمن بيئة عمل منظمة وصحية تضمن لهن الراحة والإنتاجية.

تقول دانية، مديرة المشروع، في حديثها: "نستقبل يومياً سيدات يبحثن عن فرصة عمل، سواء كنّ يمتلكن خبرة مسبقة أم لا، فالمكان مفتوح لهنّ جميعاً، ونعمل على تدريبهن وتأهيلهن. نقيم مقابلات بشكل يومي، وإذا كانت المتقدمة مناسبة ويليق بها العمل، تنضم مباشرة إلى الفريق".

وتضيف دانية أن الإقبال على المشروع كبير، مؤكدة أن الفكرة لاقت ترحيباً واسعاً بين الأهالي، لا سيما أنه مشروع خيري وموثوق، يقدم خدمات يحتاجها المجتمع، وفي الوقت نفسه يفتح باباً كريماً للرزق أمام نساء كثيرات يعانين من البطالة وقلة الفرص. وتوضح المديرة: "نحن اليوم نعمل على تجهيز فريق تنظيف منازل، ونحتاج إلى كادر منظم وكبير، والحمد لله، الناس أحبّت الفكرة لأنها جديدة وتخدم الصالح العام".

يمنح مشروع "بيت النظافة" للعاملات فيه أكثر من مجرد دخل مادي؛ إذ يخلق لهن بيئة دعم متبادل، ويعزز إحساسهن بالانتماء والمشاركة في بناء المجتمع من جديد. كما يعكس أهمية المشاريع الصغيرة في تمكين النساء اقتصادياً، خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب، حيث تتيح لهن استقلالية مالية وفرصة لتعلم مهارات جديدة تسهم في تحسين ظروف حياتهن وحياة أسرهن.

بهذا المعنى، لا يُعتبر "بيت النظافة" مجرد مكان للعمل، بل هو بيت للأمل والعطاء، ومثال حيّ على أن التمكين يبدأ بخطوة صغيرة تُبنى على الإصرار والتعاون والإيمان بقدرة المرأة على التغيير متى ما توفّر لها الدعم والفرصة.

مشاركة المقال: