الأحد, 16 نوفمبر 2025 12:29 PM

من رماد الحرب إلى أمل البناء: نساء دير الزور يقُدن التعافي

من رماد الحرب إلى أمل البناء: نساء دير الزور يقُدن التعافي

عمر عبدالرحمن ـ دير الزور

على مدار عقد من الزمن، واجهت سوريا أزمة إنسانية معقدة غيّرت وجه المجتمع وأدوار الأفراد. وسط هذه التحديات، برزت المرأة السورية كركيزة أساسية في مواجهة الصعاب وإعادة بناء الحياة، متحولةً من ضحية إلى شريك فاعل في التعافي.

في محافظة دير الزور، التي شهدت معارك ونزوحاً واسعاً، تروي نساء قصص صمود وبحث عن الاستقرار. حسنة السالم، من سكان المدينة، تقول لنورث برس إنها فقدت زوجها وابنها خلال القصف: "قررت النزوح مع أطفالي إلى منطقة أكثر أماناً. كانت الظروف صعبة، وكان همي حماية أطفالي وتوفير احتياجاتهم الأساسية رغم انعدام الموارد".

مع مرور الوقت، وجدت حسنة في العمل وسيلة للبدء من جديد: "بدأت بخياطة الملابس في المنزل، وهي مهنتي القديمة. أسست مشروعاً صغيراً أواجه فيه صعوبات يومية، لكن إصراري يدفعني للاستمرار". وتضيف: "نحن لا نريد أن نبقى ضحايا، بل نطمح لأن نكون صانعات للتغيير. كثير من النساء أصبحن معيلات لأسرهن أو ناشطات في مجتمعاتهن، وما نحتاجه هو دعم مادي ومعنوي وتمكين حقيقي في مواقع صنع القرار".

عذراء الأحمد، شابة من دير الزور، تروي تجربتها مع التعليم والعمل خلال الحرب لنورث برس: "كنت في الخامسة عشرة عندما بدأت الأزمة، واضطررت للتوقف عن الدراسة بسبب النزوح وتدمير المدارس. لكنني التحقت بدورات تعليمية وتمكنت من الحصول على شهادة التعليم الأساسي، ثم تابعت دراستي في التمريض". وتتابع: "أعمل الآن في مشفى محلي وأشارك في برامج تدريبية. أؤمن أن إعادة بناء سوريا لا يمكن أن تتم دون مشاركة النساء، فهن الأكثر التزاماً في مشاريع الإعمار المجتمعي".

أما أم حسين، عضو لجنة المرأة بدير الزور، فتتحدث عن الجهود المؤسسية لدعم النساء في مرحلة ما بعد الحرب: "نقوم في اللجنة بوضع برامج تهدف إلى تمكين النساء في مجالات مختلفة، ومعالجة الانتهاكات التي تعرضن لها خلال سنوات النزاع. نواجه تحديات كبيرة، أبرزها النظرة التقليدية لدور المرأة والظروف الاقتصادية الصعبة". وتوضح: "ننفذ برامج تدريب مهني وحرفي لدعم النساء اقتصادياً، ونسعى إلى تعزيز وعيهن القانوني والنفسي والاجتماعي بالتعاون مع منظمات محلية ودولية".

رغم الصعوبات، تشير هذه التجارب إلى أن المرأة في دير الزور أصبحت طرفاً أساسياً في عملية التعافي المجتمعي. فبعد سنوات الحرب، لم تعد مجرد متلقٍ للمعاناة، بل فاعلاً يسهم في إعادة بناء مجتمعه. كما تقول حسنة السالم في ختام حديثها: "الحرب سرقت منا الكثير، لكننا ما زلنا هنا نحاول أن نصنع حياة جديدة من تحت الأنقاض".

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: